الخميس، 10 مايو 2018

أُسر المساجين

               من مِنّا لم يراوده حلم الإستقرار والعيش تحت ظل عائلة متكاملة الأطراف؛ وببساطة لأن ذلك هو الوضع الطبيعي في كل أسرة تتكون من أب وأم وأخوة وأخوات. وبالتالي فإن إنفصال أي فرد من أفراد العائلة له أثرًا بالغًا بنفوسهم سواء كان ذلك لسبب إيجابي كـ "الدراسة ووظيفة بمدينة أخرى، زواج، او إبتعاث....الخ" او لسبب سلبي خارج عن إرادتهم جميعًا كالسجن او النفي. فالقلب الرقيق او الشخصية العاطفية لا يتحملا الإنفصال حتى لو كان لأمر إيجابي حتى يعتادوا على إفتقادهم مع الأيام؛ فكيف لو كان الإنفصال لسببًا سلبيًا.

               فحياة العائلة التي تفتقد أحد أفرادها كئيبة جدًا فكيف لو كان ذاك الفرد الغائب مسجونًا. فأيامهم تصبح غائمة تكسوها الزوابع المجتمعية فإضافةً لإقامتهم مع هم الفراق تجدهم محاصرون بين همّ الذنب المقترف والهموم المرتبطة بنظرات الأقارب والجيران والمجتمع؛ فكلها مآسي تجعل من تقبلهم لهذه المُصاب الجلل صعبًا جدًا. فتغدو أحوالهم متأرجحة ما بين عين تبكي عزيزًا وعين تخشي قريبًا، وعين تتحاشي السير بمجتمع لا يرحم. ثم لتصبح مشاعرهم مختلطة ما بين الإعتراف بذنب عزيز وبين مواجهة من يلاحقهم بنظرات الإتهام وكأن مصابهم لا ينتهي.

               وعلى الرغم ممّا تقاسيه أُسر المساجين من قهر ويكون ذلك واضحًا على مُحياهم، تجد بعضًا من السُذج الذين لا يهتمون بوضع عائلة تأثرت نفسيًا ومجتمعيًا من سجن أحد أفرادها لتتحدث عنهم او عن سجينهم وقضيته بلا إحترام لمعاناتهم او تأدب معهم. فمن أكثر الأسباب التي جعلتهم مكسوري الجناح؛ الخوف من تحقير المجتمع لهم، والخوف من سوء السمعة الذي سيلحقهم بسبب أخ او قريب، وخشية التعليق والإستهزاء بهم في الأماكن العامة. فلا يمزق عنفوانهم ويساوي بكرامتهم الأرض إلّا معاملتهم بسوءٍ وحذر كأنهم المذنبين؛ مُلبِسينهم رداء ذنبٍ إرتكبه فردٌ أخر من عائلتهم او يشاركهم إسمم العائلة او قد يكون شخصًا عزيزًا عليهم نشأ بينهم فأذنب ذنبًا جعلهم يحملونه معهم.

              العقل يقول بأنهُ قدرٌ وواقع مظلم ألمَّ بتلك الأسر؛ والسيئ الذي نشأ بينهم تجري محاسبته على كل سوءٍ قام به؛ إذن فلماذا تتم مضايقة أسرة كاملة جرّاء ذنب أحد أفرادها. فعلى سبيل المثال: الأشجار تثمر الجيد والسيء، والحامض والمالح، والصالح للأكل وما لا يصلح للأكل بعد أن أتلفته الدود او المبيدات؛ فنتناول الجيد منها ونتخلص من كل ثمرةٍ فِجَّة. ورغم ذلك تبقي الشجرة شامخة كما هي لا يلحقها ذنبُ الثمر الفجّ الذي طرحته ولا تُنعت بذنب ثمرة أتلفتها الحشرات؛ وعلى هذا القياس، كيف نلوم الأصل على السوء الذي أرتكبه الفرع السيء بها.


خُذوها قاعدة؛

ذنب الفرد يبقي حبيسًا به لا يتشعبُ أذاه .. إلّا إذا تم تعميمه على المحيطين به


هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

المستضافين بـ دور العجزة

              بنظرات سعادة تري وألدين يراقبون أبنائهم بعد أن كبروا وبدأوا بتحقيق أحلامهم. ثم بنظرات فخر يُحدثون الأخرين عنمّا وصل إليه أبنائهم من نجاح وتفوق بحياتهم العلمية والعملية. وبالأخير تتبعهم نظرات تفاؤل بمستقبلٍ مشرق سيقضونه معهم بعد كفاحٍ كبير في تربيتهم حتى وصلوا لهذه المراتب التي حلموا بها معهم. توقعاتهم تقول أنّ حياةً كريمة في ظل أبنائهم تنتظرهم ليعيشوها معهم بحب؛ لأنها الحياة التي لأجلها إسترخصوا الغالي وهان عليهم التعب والألم حتى تغدو حقيقةً لهم ولأبنائهم في المستقبل.

                لكن بعض الوالدين كُتِبَ عليهم أن يكونوا أهلًا لمن لم يروا لحلم وألديهم بالحياة الكريمة قيمة؛ حتى حقيقة أنهم ربوهم وأهتموا بهم إلى أن كبروا وأصبحوا بهذا القدر من النجاح لا يعني لهم شيئًا؛ سوي أن ذلك لم يكن إلّا واجبًا على كل والدين فلا منةً بسبب ذلك على أبنائهم في المستقبل. بالوقت الحالي بعض دُور العجزة باتت تشهدُ على قصصٍ عديدة تقشعرُ من سوؤها الأبدان؛ ومن تسبب بألآم نُزلاء الدار لم يكترثوا بحالهم او بخواطرهم المكسورة بين جدران الدُور. وعلى الرغم من تخلي أبنائهم عنهم فأملهم بالعيش معهم في رغدٍ وهناء كما عيشوهم سابقًا وأملهم بالعودة بين أحضان أبنائهم لتحقيق أماني طالما حلموا بها لا ينتهي بل يتجدد كلما طالت غيبة أبنائهم عنهم. وكلما طال إنتظارهم كلما تشعب بنفوسهم الخوف من إنقطاع زيارة أبنائهم لتصبح الخشية من إنفصالهم عنهم كابوسًا يسرق النوم والراحة من أعينهم. وأخيرًا لتسيطر على تفكيرهم هواجس الموت بين جدران دار العجزة بعيدًا عن عوائلهم.

               فتجد بأن بعضهم قد يصلوا لمرحلة لا يخشون فيها الوحدة بقدر خشيتهم من النسيان والغربة؛ فذاكرتهم مع التقدم بالعمر تبدأ بالضعف وحلم قضاء وقت بسيط مع أبنائهم بات يصغر بأعينهم. وبالتالي تغدوا نفوسهم بعد ذلك بأرواح قابليتها للحياة مع من أحبت تبدأ بالتلاشي يومًا بعد يوم وحلم قضاء وقت طويل يتحول لحلم رؤية بسيطة لو لدقائق قبل مفارقة الحياة.


خُذوها قاعدة؛

نصيحة إلى كل عاق او عاقة لوالديهم
رفقًا بوالديكم .. ورفقًا بوالديكم .. ثم رفقًا بوالديكم  
فكما كنتم تبحثون عن الأمان معهم في صغركم.. هم الأن يرجون منكم أن تهبوهم جزءً ولو بسيطًا منه على الأقل في كِبرهم


هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

ذوي الإحتياجات الخاصة "أصحاب الهمم"

- نكتئب نتضايق من الجلوس ببقعة واحدة لبضع ساعات!
- نتأففُ من قلة استجابة من حولنا لطلباتنا!
- نلوم الأخرين إن تأخروا علينا بعمل ما طلبناه منهم!
- وقد نقاسي من الألآم النفسية إن حاولنا فعل أي أمر بسيط ولم نستطيع القيام به لعجزٍ مؤقت ألمَّ بنا!

 جميعها أمور رغم بساطتها تؤثر علينا نفسيًا إن فشلنا في إتمامها ونحن بأتم الصحة والعافية؛ فكيف ستكون حالة من يعيش في هذا الوضع لسنواتٍ طِوال وهو عاجزًا عجزًا كامل عن إتمام جميع أمورة بالشكل الذي يرضيه. فتخيُّل هذا الوضع لبرهه يجعل العقل عاجزًا عن تصور العيش بهذه الحالة لفترة بسيطة حتى لو كانت دقائق عدة.

             فما بين أمثلة عديدة دونت فيها معاناتهم وخيالات لهذا القدر المحتوم لبعض البشر صُوِرت هناك فعلًا نفوسًا تعيش بما لا يستطيع المرء تخيله. منهم المتصالحين مع ذاتهم الراضيين بما حدث لهم فتخطوا محنتهم وتعايشوا معها وحالتهم الحالية جعلتهم أقوى مما كانوا عليه سابقًا فاكتشفوا مكامن قوى أخرى لديهم. ومنهم ظلَّوا حبيسين بذات اللحظة يقاسون مرارةَ العجز بعد القدرة الكاملة؛ فلا هم تمتعوا بشفاءٍ تام لتتحسن نفسياتهم ولا هم تقبلوا وضعهم ليتخطوا عقدة النقص التي باتت تؤرق صفو حياتهم. وأيضًا منهم من قد تبدو عليهم علامات القوة والثقة وبالنفس لكن تبقي بنفوسهم غصة مرتبطة ببعضٍ من الأفكار التي تؤثر على جنبات فكرهم فتراودهم بسببها عبارات التمني التي دائمًا ما تتبادر لأذهانهم لتشغلهم عن العمل على تعزيز ثقتهم بأنفسهم وبذاتهم الحالية.

              فما أصعب العجز في بدايته على من قُدِرَ لهم العيش به، لكن مع الوقت يتأقلمون على هذه الحالة ليُصبح سهلًا عليهم كل صعب؛ ثم لتبدو بعد ذلك إعاقتهم في طي النسيان ليمضوا بأمورهم اليومية بأريحيه تامة وكأنهم لم يكونوا يشكون من شيء. لكن بالمقابل على الرغم من تخطيهم معاناتهم بفضل الله ثم بفضل إرادتهم القوية؛ قد يصطدمون بواقعٍ أكثر قساوة من الوضع الذي عانوا منه يومًا. قد يواجهون في الأماكن العامة من لا يحترم حقوقهم بتاتًا؛ فتجد من يستغل المواقف المخصصة بلا إهتمام، او من يسد طريق عبورهم المجهز بمركبته، او قد تجد أيضًا من لا يهتم نهائيًا لإحتياجاتهم ليؤمِّنَ لهم مواقفًا او سُلمًا خاصًا بهم. فتجدهم في حيره شديدة إمّا من عدم إحترام ما خُصص لهم او من عدم توفير ما يسهل عليهم الوصول للمرافق العامة والأماكن التي يرغبون الوصول إليها بلا مشقة. وعلاوةً على ذلك، قد يُصادفون فئةً يحاصرونهم بنظرات الشفقة والحزن على حالهم وقد يتمادون في ذلك لينهالوا عليهم بسيلٍ من الأسئلة عن سبب الإعاقة والفترة التي أمضوها في الإعاقة. متجاهلين بأن من أمامهم أشخاصًا متصالحًا مع ذاتهم لا ينتظرون ممن حوله نظرة شفقه بقدر ما أنهم بحاجة دعم معنوي يرفعُ من هِممهم لا يثبطُ من عزائمهم. وأيضًا قد يكثروا من إحراجهم (الفُضوليين)، فيتمادوا بالتطفل عليهم بعرض المساعدة في مواقف هم فيها في غنيً عن أي مساعدة. كلها تصرفات قد تبدو طبيعية غير مقصودة او عفوية، لكن عفويتهم هذه قد تكون كالناقوس الذي يدق كل برهه في أذهانهم لتذكيرهم بأنهم مُختلفين عن غيرهم او أنهم غير قادرين على إتمام أبسط أمورهم.


خُذوها قاعدة؛

ثقوا بأنهم ليسوا بحاجة نظرات شفقة تشعرهم بنقصهم .. ولا بحاجة عروض مساعدة عنوانها أنت عاجز
هم فئة تحررت ببطولة من قيود الإعاقة التي قُدرت لها .. فلا ينتظرون من الأخرين إلّا معاملتهم كما يتم التعامل مع غيرهم من الأصحاء.


هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

التمييز الطبقي الاجتماعي والمذهبي

              الإختلاف سُنة الحياة وهو أساس توازنها؛ فكُلًا بإختلافه يكمل الأخر لتستقر موازيين الحياة بتكاتف الجميع. الإختلاف ليس عيبًا بل هو ميزة المجتمع المُتجانس الساعي للتكامل بإختلاف ما به من طبقات، أعراف، مذاهب، وأحوال؛ فلا نقصًا سيعتري فردًا مادام الفرد الأخر يعتبره بأنه بعضه الذي سيُتمِّمُه. فلا إكتمال بلا تكافؤ الجميع تحت مظلة المصلحة العامة بإسم الوطن؛ ولا يوجد سلوكًا سيُشكِك بمصداقية هذا الاكتمال إلّا التمييز العنصري القائم على المعاملة على حسب الطبقة الاجتماعية، المذاهب، الأفكار، والأجناس. فما أقبح التظاهر بالوحدة والفعل يثبت عكس ما ينطقه اللسان. فالفوقية والتعامل برسمية فظّة، وتحجيم وتقزيم الأخر، والازدراء والتحقير من شأن الغير، والاشمئزاز من التواصل مع الأخرين كلها مساوئ تعكس حجما التمييز والعنصرية اللذان يسكنان بنفوس البعض وإن أنكروه. فمن يعتقد بأن سلوكه الفظّ تجاه من يراهُ أقلَّ منه قيمةً ما هو إلّا مجرد سلوك طبيعي فليُراجع ذاته. هناك الكثيرين ممن تعرضوا لمثلِ هذه المواقف التي هزت ثقتهم بأنفسهم وكبريائهم مسببةً شرخًا كبيرًا بأرواحهم أحدث ألآمًا عظيمة أدت لاحقًا لتوسيع الهوةَ بين الجميع.

               نسبة ليست ببسيطة منهم، لا يُظهرون حجم الألم الذي تسبب به أحدهم لهم من سوء المعاملة لكن ما يظل بالنفس يبقى بها للوقت الذي يتوقف فيه إحتمال المرء حتى ينفجر. فصرخة إذلال، وعدم المصافحة إحتقارًا، وتحاشي الكلام وتعمّد الإتهام إستصغارا، وإستباحة الشتم والقذف جبروتًا كلها سلوكيات بغيضة يعاني منها من يقاسي شرور التمييز. هم أرواح لا تقبل أن يساء لها لكنّها تتصبر بأي حجة ترسم لها مستقبلًا أفضل لاحقًا او قد يختاروا الصمت عن الإساءة خوفًا من سطوةِ من إستباح لنفسه حق التقليل من شأنهم؛ لأنهم ببساطة يظنّون بأنهم أكبر وأعلى منهم قيمة. فكلمة عنصرية، والتمييز في تعامل بين الموجودين، والنظرة الدونية، وعزل الغير على حسب العرق الطائفة القبيلة الجنس المذهب الفكر الإنتماء كلها تصرفات تصنع مع الوقت عدوًا خفي تدرّج في كرهه حتى بات قلبه أسودًا من تراكم الأحقاد.

               فـ خطرهم إن كان مقموعًا في ذات اللحظة لكن حتمًا بالمستقبل القريب او البعيد سيبحثُ أحدهم عن أقرب الفرص المناسبة لرد الإساءة بالإساءة والتحقير بالتحقير. فالكبت الذي كبر ونمى مع مرور السنين سيغدو الشرارة التي ستهدد حياة أحد المُسيئين. فـ لو احترم كل فرد أهميته في منظومة مجتمعه وقدَّر أهمية الأخر المكمل له؛ لما أعطى نفسه حق التقليل من غيره. ولو عرف كل فرد عِظم ردود الإفعال المخيفة التي صدرت عن أشخاص فاض بهم كيل العنصرية؛ لمّا تجرأ أحدًا على سكينة روح شخصٍ أعزل بإزدراء الحالة يعيشها وهي لم تكن خيارًا له إنما هو قدره الذي ولد به ونشأ عليه.

               نصيحة راقب سلوكك وتصرفاتك مع من تظنّ أنهم مختلفين عنك او تعتقد بأنهم أقل منك وتعامل معهم بإنسانيتك؛ فالحالة الاجتماعية، الجنس، اللون، الطبقة، الديانة، المذهب، والفكر لا يُبيحون لك التعامل مع الغير على تلك الأسس؛ يكفيهم أن تضع إنسانيتك أمامك وأنت تتواصل معهم فـ "كلنا لأدم وأدم من تراب". وحذاري من أن يتملكُكَ الإغترار بالوضع الذي أنت عليه فيدفعك هوس التعالي بمنصبك لذنب التمييز بلا مبالاة بمشاعر من كُتبت عليهم الأقدار أن يكونوا تحت وصايتك، وإدارتك، او كفالتك.


خُذوها قاعدة؛

قد يُنسي الألم وإن كان بمقتل .. ولكن لن تُنسي الإساءة ولو كانت دعابة


هاجر عبدالله هوساوي
@HajarHawsawi

أصحاب الأمراض المُعدية

            أصحاب الأمراض المُعدية فئة أبتلاها الله بداء دواءه يبدأ بقبول أنفسهم بوضعهم الجديد ثم بتفهم من حولهم هذا الداء ليقبلوا لاحقًا التعايش معهم كأفراد وأشخاص طبيعيين لا تشوبهم شائبة. هم فئة بجانب ألآمهم لحقتهم الهموم جراء مرضهم فأضنتهم أكثر؛ فقد بات يسكنهم الخوف من نظرة أهليهم ومجتمعهم. بعضًا منهم لم يكسر نفسياتهم المرض بقدر ما قضى عليهم خوفُ إخوتهم من مجالستهم، تحاشى أصدقائهم السلام عليهم كما اعتادوا سابقًا، وقطع أهليهم زيارتهم. فبين سندان المُعاملة المُختلفة والمرض أصبحوا حبيسين بمنفي لا يدخله ضوء أمل. البعض منهم ظاهريًا تبدو عليه علامات القوة والتحمل والتقبل لوضعه؛ وذلك كي لا يُبدى له الأخريين أي تعاطفًا، لكنه بواقع الأمر قد فضل السكون بروحه والتعايش مع ألآمه خشيةً فقدان من هم سندًا له خوفًا من حالته.

              فأغلبهم أُصيبوا بهذه الأمراض عن طريق الخطأ؛ كشخص مجروح لامس مصاب ناقل او إستخدام أدواته، تناول طعام ملوث او لحوم لحيوانات مصابه غير مطهوة جيدًا، او بسبب الممارسات الشاذة. هم من الأساس قد أنهكت نفسياتهم عقدة الذنب وباتت تسكنهم قبل أن يتمكن المرض من أجسادهم. منهم من عاش بوسط مجتمع يستوعب الأخر ومنهم من قُدِر عليه التواجد ببيئة لا تكترث بمتاعب غيرها. ومنهم من تفهم معاناتهم وصار سندًا ودرعًا يحتمي به عزيزه المصاب وأصبح ملجأه الذي يأوي إليه ليشكوا له ألآمه ويصف معاناته. وبعضهم أبتعد عنهم خشيةً على نفسه من الإصابة بأي عدوى. لذلك هم يعانون من دوامة التقبل ويعيشون في متاهة ردود الأفعال وكل ذلك وما إلى أخرة يسيطر على تفكيرهم وكأن هموم المرض لم تكفيهم حتى تتساقط عليهم أنظار وإتهامات المحيطين.

              قد يبدو الأمر لوهلة بسيطة أنهم مجرد مرضى خطيرين على من حولهم ويجب عزلهم والإبتعاد عنهم قدر المستطاع حِفاظًا على السلامة العامة للمحيطين. قد يكون ما قيل أنفًا منطقيًا، لكن كل ما ذكر قد يكون أمر إحترازي وما قد ينتج عن ذلك أمرٌ أخر. فبقدر الحرص على الذات السليمة أنت بالمقابل تحطم كيانًا أخر له مشاعر وأحاسيس بحجة الحذر منه حرصًا على سلامة المتعافين. ثقوا بأنهم لن يتحدثوا، ويلوموا، او يشتكوا من سوء معاملة لكنهم سيتأثرون داخليًا من كل قول، وعمل، او ردود فعل عفوية؛ وبالتالي هم أنفسٌ مهما صمتت ستنفجر يومًا إمًا سلبًا او إيجابًا بوجه أي أحد بالغ في الحذر منهم او تخطى حدود الإهتمام بهم حد الشفقة.


خُذوها قاعدة؛

 بسيطًا تقدمونه لهم من حب، وإهتمام، وإحترام، وسماع همومهم، وحل مشاكلهم، وتوفير بيئة ملائمة لصحتهم بينكم وحاميه لكم، ومعاملة الطبيعية كباقي أفراد المجتمع هو بالنسبة لهم عملٌ كبير جدًا وكفيلٌ بأن يغير الكثير من نفسياتهم ويبعث فيها روح الأمل الذي بات ضئيلًا مع صراعات المرض.


هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

ضحايا التحرش الجنسي

              ضحايا التحرش الجنسي أغلبهم أطفالًا لا يملكون أدنى فكرة عن ماهية ما سيحدثُ معهم إلّا بعد حدوثه للأسف. هم أطفالًا صغارًا جدًا على الألم والصدمات وبحداثةِ أعمارهم فُجعوا بحقيقة واحده وهي وجود حيوانات على هيئة بشر تمشي بين المخلوقات. ومن أكبر الأسباب التي أتعبتهم وعكرت صفوا حياتهم أن المُعتدِي عليهم بالغالب يكون شخصًا من أقربائهم او المحيطين بهم؛ فلا هو إبتعد عنهم حتى يتناسوا اللحظات الأليمة ولا هم من شدّة خوفهم يستطيعون البوح بما ألمَّ بهم حتى يكتفوا شُرور معتديٍ مُختل لا يخجل ممّا فعله بهم ولا يخاف من ربًا يراقبه. من الضحايا من تقوقعوا بذاتهم لأنهم فقدوا الثقة بمن حولهم حتى من أقرب المقربين لعوائلهم؛ لأنهم أصبحوا يربطون كل ملاطفة ولعب على أنه سينتهي بتلك الحالة وصلوا لها. فلا يُحبذوا مجالسة صديق للعائلة او التواصل مع أي قريب؛ لأن كل من يقترب منهم بنظرهم هو بمثابة ذئبٌ أخر لا يتخيّر عن الذئب السابق. فأصبحت اللاثقه بمن حولهم هو الموجه الأول لهم؛ ثم ليجعلوها لاحقًا أساسًا للتعامل مع الجميع.

                ونتيجةً لذلك فئة منهم لا يترددون في البدء بإيذاء ذاتهم ولوم نفسهم بأنهم من تسبب بكل ما حدث لهم؛ فيراجعوا مرارًا وتكرارًا كل لحظة مرت عليهم ويتمنوا إعادة الزمن للوراء علّهم يستطيعون تغير كل هذه التفاصيل وليتهم سمعوا نُصحَ وألديهم او إخوتهم بعدم الذهاب مع الغرباء او اللعب وقضاء أغلب أوقاتهم مع من يكبرونهم سنًا. وفئةً آخرى أصبح ذلك بلاءهم الذي يلازمهم؛ فقد باتوا كالقنبلة الموقوتة التي سيطرت عليها غريزة الإنتقام تهوى الإنفجار تحت أي ظرف. فلا يترددون في إيذاء أي صغير؛ ليصبح لاحقًا من أمانيهم أن يجعلوا الكثيرين يعيشون نفس المعاناة التي عاشوها. فالشفقة لا يعرفون لها معنيً إلّا نشوة الإنتقام من الإحساس الذي تمنّوا لو ماتوا قبل أن يعيشون تفاصيله. أيضًا من بين كل الضحايا هناك من صمتوا على فاجعتهم وعاشوا ألآمهم وحيدين ليكبروا وتكبر معهم كل هذه العُقد التي لا تنتهي إلّا بإتلاف تلك الأرواح البريئة التي منذُ نعومة أظافرها لا تعرف من الدنيا سوي المحبة والإحتواء.

           نصيحة؛ صادقوا أطفالكم حُثوهم على البوح بكل ما ألّم بهم؛ لا تُخِيفُوهم بردود أفعالكم تجاه ما يخبروكم به؛ أشعروهم بالأمان وهم يتحدثون لكم بثقة. ثقفوهم بشكلٍ مُبسط يلائم مداركهم عن الممتلكات الخاصة بجسدهم؛ علموهم طرق الدفاع البسيطة عن أنفسهم وعلموهم أساليب مقاومة أي فرد يحاول مساس أحد ممتلكاتهم الخاصة؛ شجعوهم على الإفصاح عن ذلك إن تجرأ أحدًا وحاول الإقتراب منهم. راقبوا سلوكياتهم إن تغيرت فجأة للنقيض؛ فإن شعرتم بأنهم باتوا مائلين للإنطواء على أنفسهم وأنهم تغيروا على من حولهم أسلوبًا قولًا وفعلً؛ا فبدأوا بالبحث عن الأسباب التي قادتهم لهذا التحول في التعامل. إعلموا أن إجرام المُتحرش لا ينتهي بوقته بل هي نُدبة وصمت نفسًا وهزت فيها الشعور بالأمان؛ لذلك بعدها يأتي دور المحيطين فإما أن يعاوِنوا الضحية حتى تزول آثار هذه الندبة من النفس ويلتأم الإنكسار الذي أصابها او يهملوها؛ ومع الوقت لتغدوا هذه الندبة علامة فارقة بالنفس تذكرها بذلٍ وهوان لا ينفك منها إلّا بالإنتقام من ذاتها او المحيطين بها.


خُذوها قاعدة؛
إحرصوا على سلامة أبنائكم وطمئنوا على أحوالهم بين الفينة والأخرى؛ لأن النفس التي تتحمل الأذى رغم صِغْر عمرها وتكتمت عليه بشدة؛ تأكدوا بأنها بعد ذلك ستستسهل إيذاء الأخرين بلا هوادة ورحمة

هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

الخارجات من السجون

           بمجتمعنا أي خطأ صغير حتى لو كان بسيطًا جدًا لا يذكر فإنه قد يكون كفيلًا بأن يقلب حياة من أُدِينت به رأسًا على عقب. فبعد أي هفوة او خطأ تقع فيه إحدى الفتيات لتودع جراء ذلك بعدها بالسجن لأيام او شهور معدودة؛ وبعد قضاء مُدَّتها تأتي اللحظة الحاسمة التي ستخرج بعدها من السجن . لتبدأبعد ذلك لحظة الحقيقة والمواجهة مع عوائلهم؛ فهناك أُسرًا تغفر الزلات، أخرى تنسى وتتناسى معها من أخطأت وكأنها لم تولد، وأُسرًا أخرى لا ترتاح حتى تجهز على المُخطئة حتى وإن لم يكن خطأً أخلاقيًا فمجرد ذكر الإسم كاملًا كفيلًا بأن يوسمها بوصمة العار. بعض المُدانات في السجون حياتهم تغدو مظلمة بمستقبل موحش فلا واقعًا يرضى بهم ولا خيالًا يصور لهم حياةً مستقرة بمنزلٍ فارِه. فهذا العقاب الذي عاشوه في ظل البعد عن أُسرهم عاث بنفوسهم الكثير وحطم كبريائهم الذي بعد هذه التجربة بات من عداد المفقودين مع الشهور الطوال التي قضوها بين القضبان.

              فإنتهاء محكوميتهم والإستعداد لخروجهم من السجن لا يعني أن أيام الفرج قد بدأت ترفرف أمامهم. نستطيع التنويه بأن يوم خروجهم ليس يومًا سترتسمُ فيه ملامح الفرح على محياهم، لأنهم بين خيارين أمّا أن تستقبلهم أُسرهم التي لا يعرفون حقيقة نواياهم تجاههم؛ وأمّا في حال إمتناع أُسرهم استقبالهم يستضيفهم دار الرعاية إلى أن تؤثر عليهم تنهدات أم مكلومة على حال إبنتها ليرق بعدها عليها قلب أب وأخ. بخروج المسجونات يعم الظلام أرجاء واقعهم الذي سيغدون فيه في عداد المجهول. لكن على النقيض فـ بخروج المساجين تُضاء أنوار حياة كاملة وتتهلل القلوب بخروج المُدلل فيها.

              فالخارجات من السجون لا سجن يمحي خطاءهم، ولا مجتمعًا يغفرُ زلاتهم، ولا أهلًا يقبلون بواقع إبنتهم الذي غدى من الماضي. فخوفهم من الأتي بعد خروجهم يقتلهم ألف مرة؛ ببساطة لأنه لا جمال بحاضرهم حتى يحفزهم على رسم كل ما هو حسن بمستقبلهم. فالفكر يأبى أن يتقدم، والقلب يخاف من الخذلان، والبدن يقشعر من وحشات الغربة التي يعيشها سابقًا مع عقدة الذنب. فحالتهم جعلت أنفسهم تتوق للخلاص من كل ما يجعلها أسيرة الواقع والفكر والروح؛ فكل ما حولهم تنافى معهم لينفيهم في كهوف الألم. لذلك فحتى إن أُفرج عن الجسد تغدو الروح محبوسةً بمعية الفكر بين قُضبان الخطيئة.

              فبعد عناء السجن أرواحهم لا ترجوا إلّا حياةً كريمة تستقر بها بنفسياتهم لتعود فيها كرامتهم كالسابق، ليتنامى كبريائهم فيها. هم نِسوة مغلوبات لا تكفيهم إلّا كلمةً حانية، فـ تسعدهم ابتسامة قبول، وتريحهم إيماءة طمأنينة. لذلك إجعلوا من خروجهم فرجًا وخلاصًا لألآمهم ولا تجعلوا منه أسرًا أخر وبدايةً أخرى لإدماء قلوبهم وأرواحهم. أشعروهم أن العقاب كان كافيًا لمحو عذابهم؛ ولا تجدد بالعقاب ما داموا أحسنوا التوبة منه.


خُوذها قاعدة
وصمة العار التي تدفعكم للخلاص منهم ووأدهم لن تكسبكم راحة .. بل ستزيدكم خيبة أكثر من واقعهم الذي تخلصتم منه.



@HajarHawsawi
هاجر هوساوي

‏الرأي والرأي الآخر

في فضاء وسائل التواصل!
هناگ من يبحث عن المهنيه في الطرح!
وهناگ من تغريه الشعبيه!
وهناگ من يجذبه المؤثرون!

- ‏فتختلف أهداف المتابعه لتتضارب بسببها أرآء المتابعين!!!

- ‏الواقع گلهم يثني على من وافق طرحه إهتماماته .. والحقيقه كلهم يُجيشون حروفهم على إختيار الآخر وإهتماماته

‏⁧‏- الحريه التي أعطيتها لنفسگ .. إعطِ غيرگَ جزءً بسيطًا منها ولن يجد الخلاف بينگما سبيلًا.

‏- اؤمن بأن الإختلاف سنة حياة بين البشر .. واؤمن بأن الخلاف هو أول أسباب القطيعة في حياة البشر.

‏- وأثق أيضًا بأن احترام الإختلاف يغلق گل بابًا يؤدي للخلاف.

خُذُوها قاعدة
حينما تتيقنوا بأن وراء گل اختلاف معلومة جديدة او قديمة تجهلونها ستمضون باحثين عن گل وجهة نظر ورأي يخالفگم

وذلگ طلبًا للإستزاده .. وطمعًا لگمال المعرفة

@HajarHawsawi

هاجر هوساوي