الخميس، 27 سبتمبر 2018

حدود الصداقة!!؟

          الصداقة وجهٌ آخر لأقرب العلاقات المتينه؛ فكلما مضت عليها السنوات كلما أصبحت أقوىٰ وأعمق. جميعنا دائمًا مايفتخر بعمق صداقاته ودوامها على الأمد البعيد؛ فهو أمرٌ يُشعرنا بمقدار الحس الاجتماعي الذي يسكن في نفوسنا ويعزز بمتانته ثقتنا بالعلاقات الاجتماعية خارج نطاق العائلة والأقارب. لكن هل للصداقة قيود ام هي مُطلقة بلا حدود؟ أو هل للصداقة عنوانًا آخر لوجهٍ آخر نجهل فيه الحقيقه التي تجاوز بها البعض نطاق اي صداقة او معرفة؟

         تظل الصداقة فريده إذا لم تمُس اي علاقة آخرىٰ بسوء وتبقىٰ ايضًا عنوانًا للمحبه مادامت لم تؤثر على جانبٍ آخر علائقي أكثر متانة منها كالعلاقة بين الإخوة والأقرباء. يظل الأخ أخًا حتى وإن قصر في تواصله مع أخيه ويبقىٰ الصديق صديقًا فقط حتى إن كان أكثر تواصلًا وإخلاصًا في علاقته. فلا صديق يرتقي على مرتبة أخ في قلب شقيقه ويحظى بثقته إلّا وكان هناك تقصيرًا من جانب أحد الإخوة.

          لذٰلك كثرت مؤخرًا تدخُلات الاصدقاء بين الإخوة حتى باتو كالحواجز التي تفصل معنويًا بين كل علاقة متينه. فالصديق الذي يتدخل في شؤون الأشقاء؛ لم يتدخل إلّا بوجود أخًا سمح له بذٰلك. والصديق الذي يأخذ قرارًا بشأنٍ عائلي يخص صديقه لم يتخذه إلّا وهناك أخًا أعطاه الحق بذٰلك. ولا يوجد صديقًا يعوثُ في نفوس الإخوة فسادًا إلّا وهناك أخًا وثق به وقدم له أسراره وأسرار بيته على طبقٍ من سفاهه. وأيضًا لا يوجد صديقًا يضع نفسه بالمقدمة في بيت أحدهم، وأولوياته، وعلاقاته، وتفضيلاته، وأهدافه على حساب علاقة أخويه، وزوجيه أو قرابه إلّا وهناك فردًا غير سوي سلم له فكره وعقله وشؤونه بكل سذاجه.

          فلكل علاقة من علاقاتنا المجتمعية جانبان أحدهم جيد وهو واضح أمام الملأ وآخر سيِّئ يختفي خلف جدارن العلاقات غير الناضجة. ولم ينتج ذلك من فراغ إلّا وكان أحد أطراف الصداقة الأساس في ظهور وتفاغم هذا الجانب السيِّئ.

خُذوها قاعدة؛
لا يوجد صديقًا يستطيع تخطي حدود العلاقات الخاصة إذا لم تُفتح له الأبواب المُغلقة بكل رحب وسعة.

هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

معك نحتفي بك

”في هذا اليوم نُكرم هذا الشخص امتنانًا لجهوده الملموسة ....الخ.“ مقولات عدة تتكرر دائمًا بمسامعنا في المحافل التي تُقام تكريمًا لشخصية مؤثرة ذات بصمة ملموسة على أرض الواقع بعد رحيلها، وفي نهاية الاحتفالية تُهدى لذوي المحُتفى به الدروع التذكارية.

موقف تكريمهم تخليدًا لذكراهم يعتبر موقف جميل ويصور واقع تقديري عظيم لرموز بذلوا الكثير الأجل الأخرين، لكن أليس من حقهم أن يعيشوا تفاصيل هذه اللحظات الجميلة التي ستحفر في ذاكرتهم مشاعر نبيلة.

- أليس جميلًا الإحتفاء بهم وهم على قيد الحياة ..
- أن نعيش معهم لحظات الفخر التي اعددناها لهم ..
- أن نشاطرهم تفاصيل أفراحهم ..
- أن نوجِّه لهم مشاعر الشكر والامتنان والتقدير ..
- وأن نهديهم ألطف الكلمات والعبارات التي لا توفي حقّهم. لأن لقلوبهم الأولوية العظمى لتعيش بهذه الأحاسيس النادرة؛ ففي حالة وفاتهم عمل كل ماسبق بمعيةِ ذويهم لا يعادل اللحظات التي يتمنون ان يكونو مع الآخرين بها.

فما أرقى من أن نخلِّد ذكراهم بمعيتهم .. وما أنقى من أن نشهد معهم لحظة الإحتفاء بهم .. ولا أعظم من أن نلمح بريق السعادة والفخر بأعيونهم.

.. لذأ معكم سنحتفي بكم ..

هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

السبت، 8 سبتمبر 2018

الحب من نظرة

          النظرة التي تأسرك هي النظرة التي تأخذ لأقاصي شعورك بلا ترتيب مُسبق للحالة والظرف؛ والنظرة الصادقة منها هي التي قامت على عمق المشاعر وليش سطحية الطيف الذي حملها أمام المُحيا.
وتتثمل النظرة الأولى:
- لنظرة الطفل لأمه بعد ولادتة قصة قصيرة .. فهو يولد باكيًا وما أن يُوضعُ بأحضان والدته يهدأ.
- يحتار في طلب مايرغب .. لأنه لا يستطيع التعبير جيدًا عنَّما يجول بخاطره لصغر عُمره؛ وبنظره ثقة من أحد والديه تختفي نظرات القلق من محياه لنظرة ايمان بأنهم قادرين على فهم طلبه.
- يخافُ من شيء حوله فتحتضنه بأعيونها قبل يديها فيتقوىٰ روحًا قبل ان يكون فعليًا.
- يطلب كثيرًا .. فيقابل طلبه بالرفض من أحد والديه ونظرةٌ من أحد أجداده تطمئِنه بأن طلبه مُجاب.
- يرتبك فينسى ماهو على وشك القيام به .. ونظرة إطمئنان واحده تشعره بأنه يستطيع أكمال ما بدأه.
- تقسو عليه الحياة فيلجأ لكل سبب يجعله يتناسى كل مرارة تجرعها بها .. وبمجرد أن يرى بأن هناك من يتابعه بعناية مراقبًا التفاصيل التي يقوم بها فيصبر ويحتسب للوقت الذي تتيسر عليه.
- ينحني ظهره شيخوخةً .. فتلتقي عيناه بأحد أبناءه فنظرة قوة تعشره بأن هناك من يتكئ عليه معنويًا قبل أن يعاونه فعلًا للإتكاء عليه.

         الحب من نظرة ليش بمشاعر عابرة .. حب وقتي .. او تعبير عن مشاعر مستهلكة. فالحب من نظرة هو الإيمان بحب شيء رغم القلق والمخاوف المحيطه به، والثقة بردود الفعل الناتجة عنه، والتماس الحنان المنبثق منه. والحب من نظرة معناه أكبر من أن يكون مرادفة تعبر عن السرعة في حمل المشاعر للآخرين؛ بقدر ما أنها مرادفة تعبر على العمق الذي تجزرت منه المشاعر.
لأن الحب من نظرة يتمثل في يُنبوعًا ماؤهُ لا ينضب .. فهو عبارة عن الأمان في السلوك .. والمصداقية في الشعور.

هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

الاثنين، 3 سبتمبر 2018

اللقمة السائغة "للإرهاب، التطرف، والإنحراف"

          في الأونة الأخيرة قصص هروب المراهقين بدأت بتصدر بعض عناوين الصحف، وصفحات المواقع وتتداول بألسنة المُتحدثين. فـ تعددت الحالات واختلفت الأسباب والنتائج واحده؛ هروب لبضع أيام فإمّا العودة بالإكراه او بعد السأم من الضياع. وتلك أهون الحالات إذا لم يصبحوا لقمة سائغة للإرهاب والتطرف او الإنحراف. لذٰلك فلكل حادثة هروب أسباب وظروف حفّزت ضحاياها للأقدام على خطوة خطيرة كهذه وهُمْ بأعمار صغيرة على تحمل قرارات بهذا القدر.

          هناك بعضًا ممَّن يتساهل في أمر تعنيف أبناءه فـ يسومُهم سوءًا؛ سواءًا تنكيلًا اوتوبيخًا بأسوء الألفاظ حتى تمتليء الروح بقبيح الكلام وسوء الفعل فتفضل الهروب على العيش بأجواء لا تعامل أدمي فيها. وايضًا البخل الشديد حدَّ التضييق في العيش؛ حتى يغدو البحث عن مورد بأي وسيلة كانت أحد الأهداف التي يسعوا لها بلا اكتراث لأي عاقبة. وحتى تصغيرهم في كل موقف والتحقيرهم من شأنهم أمام العامة كفيلًا بأن يدفع البعض منهم للبحث عن الاحترام او البحث عن آخرين يلمسوا فيهم النضج ويتعاملوا معهم على أساسه. وعلاوة على ذلك، فالثقة المُفرطة قد تقود بالبعض منهم لاستغلالها ضد كل من منحهم إياها؛ وعدم الثقة ايضًا قد يؤدي ببعضهم لصراع اكتساب ثقة المقربين منهم مهما كلَّفهم الأمر.

          وأخيرًا بالرجوع للأسباب السابقة سواءًا كانت منطقية او مبالغًا فيها؛ لكن المغزى منها أن الغفلة بالبسيط الذي لا نهتم به لأننا لا نرىٰ له تأثيرًا قد يغدو يومًا مُعقدًا للحد الذي نعجز فيه عن تصحيحه. واللقمة السائغة للعابرين لن تصبح لقمةً سهلة ان مُنِحت مُسبقًا القليل من المُتابعة، والإحتواء، والاحترام.

هاجر هوساوي
‏@HajarHawsawi

الأحد، 2 سبتمبر 2018

الطرف الثالث!!!

          الإتفاق والخِلاف والإختلاف والتباين في الآراء وآرِدٌ بين البشر؛ فـ تلك طبيعة في الإنسان منذُ الأزل. فـ بالقدر الذي يختلف فيه المرء على أمر مع الآخرين فهو يتفقُ معهم على أمرٍ آخر؛ وذلك ليس جزافًا بل حسب الرؤىٓ التي يراها والمقادير التي دام يدرس تفاصيلها. وبين ماطُرِح ومالم يُذكر تصطدم الحقائق بين البشر حتى تنبثق منها حقيقة واحده؛ وهي نورٌ تتجلىٰ به عناصر وُرِيت خلف حاجز ذكرياتهم، عشمهم، وماهم مقتنعين به. وأيًا كانت الحقيقة فهي مقبولة حتى إشعارٍ آخر او مرفوضة بسبب عائق آخر؛ وذلك العائق قد يكون أنت او هُمْ او طرف آخر ثالث تمَّت الإستعانة به كـ وسيط لتتوضح من خلاله بعض الحقائق التي لم تُفهم او لتُصحح بعد الأخطاء التي  عُجِز عن تبريرها.

          فالطرف الثالث .. ذلك الجدار الذي تبنيه بيديك ليرممَ ويستر عيوب علاقاتك المُترهلة؛ ليتحول بالأخير لذٰلك الحاجز الذي يفصلُ كل علاقة متينة عن بعضها. لذأ فأكبر عيب يتسبب بخلل في أي علاقة يكمن بوجود أداة وصل أخرىٰ تحاول ربط أطراف علاقة كانت من الممكن ان تصبح أقوىٰ وبسرعةٍ أكبر من غير وجود طرف آخر لا علاقة له بالأمر.
- فـ خِلاف الإخوة .. ينتهي بينهم بلا وجود وسيط يصلح بينهم فإن أدخل أحدهم طرفًا آخر وهو ليس إلّا عنصر تشويش تتضاعف بسببه فجوةً بينهم قد تصبح أكبر.
- في خصام الأقارب .. دخول اي طرف ثالث يعني تفشي الشقاق والنفاق في جدران علاقاتهم.
- جفوة الأباء وأبناءهم .. أكثر مايعيق التواصل بينهم إستعانة الأهالي بموجهٍ آخر بالوقت الذي هم بحاجة توجيههم؛ فيصبح الإحتواء الخارجي ذلك العائق الذي شيَّدوه طواعيةً بأيديهم.
- بإختلاف الزوجين .. الدخيل الذي يستنجد به أحدهم ليوصل إنطباعه، وتبريره، او مشاعره فقد يتحول يومًا للخيار الأمثل للمرسول له. لأنه أدي مهمته بإخلاص واوصل الحديث الذي كان يرغب الآخر ان يسمعه من أساس العلاقة لا من طرفها الثالث.
- عند التباين في الأرآء مع زميل العمل او المدير .. فمجرد الإستغاثة بطرفٍ ثالث ليكون الوسيلة الأسياسية بينهم؛ فإحتمال كبير ان يصل بوجهة نظر الآخر بطريقة مغلوطة ليس كما رغبت فينشأ سوء فهمٍ أعمق يولد تفاوتًا أكبر.

          لذٰلك زِّد جُرعة الثقة بقدراتك وكن أنت المتحدث عن نفسك، القاضي بشؤون علاقاتك، والحَكم على تصرفاتك، ومن يُبرر سوء او حُسن قراراتك. حاول القضاء على كل حل يقودك لوسيلة لست أن الطرف الأساسي بها؛ حتى لا تصبح بالأخير الطرف المُهمش بينما أنت العنصر الأساسي به. ثق بأن؛ الإختلاف وجد للوصول في نهاية المطاف للحل الصحيح، التباين في وجهات النظر وجد لتتقارب الوجهات وذلك بالنظر في الأمر من منظور الآخر، الخصام وجد لإزالة اي سوء فهم حتى تتوضح الحقائق.

💡وآامن بأنه لا يوجد بنفوس البشر نزعة خلاف دائم ولا إتفاق أبدي .. الكل يعيش مابين هذا وذاك على أساس النمط الذي يؤمن به مع نفسه ويتعامل به مع غيره.

هاجر هوساوي
@HajarHawsawi