الصداقة وجهٌ آخر لأقرب العلاقات المتينه؛ فكلما مضت عليها السنوات كلما أصبحت أقوىٰ وأعمق. جميعنا دائمًا مايفتخر بعمق صداقاته ودوامها على الأمد البعيد؛ فهو أمرٌ يُشعرنا بمقدار الحس الاجتماعي الذي يسكن في نفوسنا ويعزز بمتانته ثقتنا بالعلاقات الاجتماعية خارج نطاق العائلة والأقارب. لكن هل للصداقة قيود ام هي مُطلقة بلا حدود؟ أو هل للصداقة عنوانًا آخر لوجهٍ آخر نجهل فيه الحقيقه التي تجاوز بها البعض نطاق اي صداقة او معرفة؟
تظل الصداقة فريده إذا لم تمُس اي علاقة آخرىٰ بسوء وتبقىٰ ايضًا عنوانًا للمحبه مادامت لم تؤثر على جانبٍ آخر علائقي أكثر متانة منها كالعلاقة بين الإخوة والأقرباء. يظل الأخ أخًا حتى وإن قصر في تواصله مع أخيه ويبقىٰ الصديق صديقًا فقط حتى إن كان أكثر تواصلًا وإخلاصًا في علاقته. فلا صديق يرتقي على مرتبة أخ في قلب شقيقه ويحظى بثقته إلّا وكان هناك تقصيرًا من جانب أحد الإخوة.
لذٰلك كثرت مؤخرًا تدخُلات الاصدقاء بين الإخوة حتى باتو كالحواجز التي تفصل معنويًا بين كل علاقة متينه. فالصديق الذي يتدخل في شؤون الأشقاء؛ لم يتدخل إلّا بوجود أخًا سمح له بذٰلك. والصديق الذي يأخذ قرارًا بشأنٍ عائلي يخص صديقه لم يتخذه إلّا وهناك أخًا أعطاه الحق بذٰلك. ولا يوجد صديقًا يعوثُ في نفوس الإخوة فسادًا إلّا وهناك أخًا وثق به وقدم له أسراره وأسرار بيته على طبقٍ من سفاهه. وأيضًا لا يوجد صديقًا يضع نفسه بالمقدمة في بيت أحدهم، وأولوياته، وعلاقاته، وتفضيلاته، وأهدافه على حساب علاقة أخويه، وزوجيه أو قرابه إلّا وهناك فردًا غير سوي سلم له فكره وعقله وشؤونه بكل سذاجه.
فلكل علاقة من علاقاتنا المجتمعية جانبان أحدهم جيد وهو واضح أمام الملأ وآخر سيِّئ يختفي خلف جدارن العلاقات غير الناضجة. ولم ينتج ذلك من فراغ إلّا وكان أحد أطراف الصداقة الأساس في ظهور وتفاغم هذا الجانب السيِّئ.
خُذوها قاعدة؛
لا يوجد صديقًا يستطيع تخطي حدود العلاقات الخاصة إذا لم تُفتح له الأبواب المُغلقة بكل رحب وسعة.
هاجر هوساوي
@HajarHawsawi