الاثنين، 9 مارس 2015

العفو عن القصاص والدِيّة بين المزايدة والتعجيز...!!

        قال الله تعالي: ”فمن عفا وأصلح فأجرة على الله“[الشوري:٤٠]، قال تعالي: ”والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة ٌ له“[المائدة:٤٥], وقال تعالي: ”فمن عُفِيَ له من أخي شئ فإتباعٌ بالمعروف وأداءٌ إليه بإحسان ذلك تخفيفٌ من ربكم ورحمة“[ البقرة: ١٧٩]. وأيضاً كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم ”لا يرفع إليه أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالفعو“ رواه الخمسة إلا النسائي من حديث أنس والقياس يقتضيه؛ لأن القصاص حق فأجاز تركه كسائر الحقوق. ولحديث مرفوع عن أبي هريرة: ”ما عفا وجلٌ عن مظلمة إلا زاده الله بها عِزا “ رواه أحمد ومسلم والترمزي.

        آيات وأحاديث نبوية تبين أن العفو لايضيع عند الله وأجره كبير وتحث أهل الدم والحقوق للعفو والإصلاح طلباً لأجر الله ورغبةً بالعزة التي وعد الله بها العافي عن حقه ورحمة بالمعفو عنه. لكن بوقتنا الحاضر لدي البعض تبدلت بعض مفاهيم العفو وأصبح عبارة عن صفقة تجاريه أطلق عليها الساخطون من تفاقمها بـ ”تجارة الدم“. فقد أصبح العفو مرهون بمبالغ ماليه أقرب تعبير عنها تعجيزيه أكثر من أنها ديه عفو. فالدية حقٌ واجب لأولياء الدم لكن البعض بالغ بتقديرها وتجاوزت المعقول إلى أللامعقول. أيعقل أن تتم المزايدة بمبالغ الديه بنيه الفعو، وهو بالأساس طلباً لأجر الله. فـ لو كان عفواً لوجه الله رغبةً لعزته لما تم ربط العفو بمبلغ لاطاقة لطالب العفو بتوفيره و بسداده.

        التسائل المحير و المطروح، ما دامت النيه بالعتق موجودة لما المزايدة بمبلغ الدية، وما الهدف الأساسي وراء المبالغة وطلب مبلغ غير معقول؟ أهو للتعبير عند حب  الفقيد، باب رزق جديد، أو تعجيز فقط لفقد الأمل بالعفو. بتفكير عقلاني كيف لأولياء الدم أن يفكروا بالجانب المادي البحت إذا كان عفواً لوجه الله، و بتفكير عاطفي إذا كان حبهم لفقيدهم قوي فخسارته لديهم المفروض لاتقدر بثمن، وإذا كان العفو من جانب إحساني إذاً لما التعجيز وطلب مبلغ لاطاقة لهم بتوفيره. فالحق يقال إن لم يتم تحديد مبلغ الديات وإلزام أهل الدم بالقبول بها سـ تزيد تجارة الدم وسيتمادي البعض بتقديرها.

        من وجهة نظري، عندما دُمِجَ جشع البشر مع التعبير عن الحب لبس ثوباً جديداً خرجت نفوس لا تعرف عفو رغبةً بأجر الله بل نفوس تُقدر حبها لفقيدها بمبلغ وقدرة. ولن تنحسر ظاهرة الإتجار بالدم بدافع العفو مادامنا نراقب عن كثب. ومع كل مرة يتم فيها العفو مقابل المبلغ التعجيزي س تتفاقم هذه الظاهرة وتعلوا لديات لتتجاوز بضع الملايين إلى مئات الملايين، لأن الجشع لا يردعه مبلغ وقدره.

        وعد الله أهل الدم بالأجر والعزة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ألا إن سِلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله هي الجنة“ فـ كيف من وُعِدَ بالأجر والعزة أن يستبدل أجره في الدنيا والآخره لمالٍ زائل يصرفه في دنياه فقط.

ودمتم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق