الخميس، 5 مارس 2015

الإقبال الأعمي لشراء الوهم

        من المؤسف أن نقابل أناساً تعلموا لسنوات طويلة سعياً للحصول على درجات علمية عالية وفي النهاية تجد أن فكرهم تقدم في جميع النواحي إلا بنقطة واحده ”فوبيا العين و السِحر والحسد“. فقد تجد صاحب/ صاحبة الدرجة العلمية يترددون على الشيخ المعروف في الحي ليقرأ عليهم كل فترة ويعطيهم بعد كل جلسة بعضاً من الماء والزيت المقروء فيه. والسؤال المطروح بهذه الحالة، بما أنهم وُهِبوا علماً من الله وأتقنوا مهارة القراءة والكتابة قبل أن يحصلوا على أي درجة علمية لما لا يقوموا بتحصين أنفسهم عوضاً عن الإسهام بتوسعة أرباح بائعين الوهم.

        في الأوانة الأخيرة، أصبحت المنتجات المقروء فيها تلفت نظر بعضاً من المستهلكين الذين لا يستطيعون أن يشربوا كوباً من الماء إن لم يكن مقروء فيه. فأصبحت إعلانات المستهلكات المقروء فيها تلصق بالأماكن العامة والعطارة لجذب عملاء الوهم. وهذه التجارة صارت دخلاً جديداً لمن لا دخل له وهي مستهدفة فالغالب للنساء ولمن تعلق قلبه بأوهام لا تعد ولا تحصي وأبتُلي قلبه بداء الوسوسه والخوف من العين والحسد والسِحر

        العين والسِحر والحسد مذكورين في القرآن الكريم بـ سُور عديدة، و وردت بالسنة النبوية أحاديث وأدعية للتنبيه والتحصين والإستعاذة من كل شيطان وهامة ومن كل عينٍ لامة. وقد شرح ووضح لنا نبينا محمد صلي الله عليه وسلم أهمية أذكار الصباح والمساء وأهمية قراءة أية الكرسي قبل النوم وأهمية قرائتها بعد كل صلاة؛ لِنُحصِن أنفسنا ونتوكل على الله والنتيجة لن يصيبا مكروه إلا بإرادة الله. ومع هذا وجدت هذه التجارة بيئة خصبة لتسويق ما يعرف بالمنتجات المقروء فيها لحفظ الناس من العين، الحسد، التلبس، السحر، القلق،....الخ. وهي طريقة جديدة للكسب تستهدِف أصحاب الإيمان الضعيف الذين تعلقت قلوبهم بأوهام وخرافات غير الله عزوجل. فهذه الفئة على إستعداد لدفع مبلغّ وقدره فقط للحصول على هذا الماء والزيت الذي لم يُعرف صِحَه القراءة فيه من عَدمِها إلا من مُلصق كُتِبَ فيه ”مقروء عليه بالرقية الشرعية“، فـ سعر قِنينة الماء المقروء فيه تعادل أضعاف سعر القِنينة العادية.

        هذه التجارة من وجهة نظر البائع مصدر دخل جديد يعتمد على غباء المشتري ونسبة تعلقة برُقية الشيخ أكثر من الله عزوجل. فـكلما زاد تعلق أتباع الوهم بالرَّاقِي وإعتمادهم على إيمانه وتوكلهم عليه أكثر من الله؛ كلما إزدهرت تجارتهم وعلت أربحهم. 
فمن أسباب رواج هذه التجارة:
- ضُعف الوازِع الديني أدي بهم إلى الغفلة عن ذِكر الله.
- النشوء في مجتمع كثير الشك وحديث الناس به غالباً عن العين والحسد والسِحر.
- الجهل بالتحصين رغم التعليم المتواصل في جميع المراحل الدراسية. 
فكانت النتيجة إقبال أعمي لمنتجات بائعين الوهم حتى أصبحوا أغنياء بفضل نفثه (تفلة). و تحول التعلق بالله إلى تعلق بالرَّاقِي وأصبح المستهلك للمنتجات المقروء عليها يؤمن بأنه لن يصيبه أذي بما أنه يأكل ويشرب او يدهن جسدة من هذا المنتج. 

أخيراً، فمن العيب في عصر تطور المعرفه والعلم، والإنفتاح العقلي، والإرتقاء الثقافي أن نجد بعضاً من هذه الفئات يتعلقون بهذه الاوهاام ويدافعون عنها ليكونوا في الآخر المكسب السهل لتجار الوهم.

ودمتم،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق