الأربعاء، 4 مارس 2015

فن اللباقة في الحوار والدبلوماسية في الردود

        يري البعض أن سبب كل حِوار عقيم هو الجدال غير الهادف، فقدان مهارة الإقناع، الثقافة المحدودة بفنون الرد، عدم تقبُل وجهة نظر الآخرين، وعدم وجود حجج لدعم الحوار. فـ تري المرء يغوص بين أمواج محادثة لاتنتهي، إلا وهو غريقاً بين ما ذكره وما ما ناقض الواقع. لذلك فـ هنالك مهارات كثيرة نحتاجها حتي نتعلم فلسفة الردود ونُدير حِوار كامل بذكاء خالي من الفهم الخاطئ و ينتهي بـ تحقيق أهداف الحوار، و أولها الدبلوماسيه واللباقه.

         فـ الدبلوماسيه في أي حوار، خطاب، و رد يحكمها الإلمام البلاغي للشخص المُتحدِث والذي يقوم على أساس ”محاوله إكتشاف كل السُبل الممكنه للإقناع“ وهذا من غير تغيير للفكرة الأساسية للحوار مع مراعاه التوقيت المناسب. فـ المحاور الجيد يراعي معايير عدة أهمها معرفه الموضوع وأسبابه، الترتيب والبعد عن التعقيد، مخاطبة العقل بالحجج الواقعيه، وإتقان مهارة إيصال الفكرة.
(Em Griffin - ٢٠١١)

فـ أي تواصل وحوار هادف يحتاج للباقة ودبلوماسية ليكون أكثر إقناعاً وأقل صعوبة وإجهاد في التواصل. و فنَّا الدبلوماسيه في الردود واللباقة في الحوار، مهاراتان تتمحوران حول فهم الناس والإحساس بهم  وبأرائهم وأفكارهم. فـ بِهما يستطيع الفرد أن يأكِد أفكاره وأرائه مع العلم المسبق بما سيقول وكيف يقول ذلك دون الإضرار بالعلاقة مع الآخرين. أشار إسحاق نيوتن أن اللباقه هي ”فن صنع نقطة دون عدو“ و أيضاً عرف ديفيد فروست الدبلوماسيه أنها ”فن يستطيع الشخص من خلاله ان يجعل الشخص الذي يحاوره يفكر بنفس طريقتة“. 

لذلك فـ الشخص الدبلوماسي تجده:
- يعرف الوقت المناسب، ماهِية موضوع الحوار مسبقاً، ومع من سيتكلم .
- لديه آفاق واسعة ومعرفه جيدة بمزاج الشخص المحاور له ويتنبأ بردود فعله من تعبيرات وجهه فتجده بكل نقاش بارد الأعصاب بإجابات وافيه مُختصرة أكثر من أنها طويلة من غير براهيين.
- فهو يعرف أن أسلوب التعميم والتخصيص قد يُضعف من قوة حُجَتِه وتصبح لغة الحوار ركيكة ذات مصداقية هشه.
- يعرف أن التسرع في الرد وعدم التفكير يدل على عدم حِكمتِه وقلة خبرته بأداب الحوار.
- وهو أيضاً أكثر إلماماً بتعابير الوجه وإنتباهاً للغة الجسد ويعرف من تعابير الوجه ما إذا كان الشخص الذي يُحاوره مُتَقَبِل لِفكرته مُتخوف منها ام يُريد أن يتحاشا الحديث معه.
- الشخص اللبِق بحواره أكثر تجنباً للمجاملة المفرطه التى توضح كذب مايقول او الصدق الجارح الذي يُفسره الآخرين على انه وقاحه.
- الشخص الدبلوماسي هو أكثر تجنباً لإستصغار العقول أو إعطائها أكبر من حجمها في حواره حتى لا يجد نفسه مُحاطاً بنظره تعالي او إستحقار.
- وأخيراً فهو لا يدخل في حوار يكسوة الشد والجذب يفضل الهدوء والكلام بعقل مُنفتح و بتفصيل الحجج والحقائق و ومعرفه ما هو ممكن او غير ممكن قوله قبل الرد.

        لذا فاللباقة في الحوار والردود بدبلوماسية لا تعني أن تبعد عن الجدل، تكون حيادياً في أغلب الوقت، تبعد عن الضغوط، وتتخلي عن فكرتك، لكن إذا كنت لا تمتلك هاتان المهاراتان حاول فقط عدم التورط بتفاصيل مشتته لا فائدة منها وكن حازماً بحوارك ملماً بأهدافه ومقدراً الشخص الذي تحاوره.

ودمتم،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق