هل تعرف تاريخ من غدوا متشردين بعد رحلة ارتزاق؟
قوت يومهم عبارة عن كلمات مسلوبة المصداقية، ووقودها الفجور بالخصومة، وروحها الطعن في كل حسنة وفعل صادق، ومحركها عمق الكراهية. فـ سخروا حبر حروفهم بالكتابة على قدرِ المدفوع لهم وكرَّسوا جُلَّ وقتهم في فبركة المنقول ونشر المغالطات. وكلما دُفع لهم أكثر كلما أسهبوا بالكذب أكثر وأعمق.
فإن حدثتهم عن الوطن والوطنية والمواطنين بدأت تتلوى حروفهم كالأفعى التي لدغت نفسها من سوء ما في سريرتها، فكم هو صعبًا على أي مرتزق استيعاب أن مرادفة الوطنية تتخلص في معانٍ عدة تظهر في الأقوال فيتبين حجم لباقة ورفعة ثقافة إبن الوطن في كل ماينطق به، وفي الأفعال فتظهر جليًا في مدى ارتقاء أفراده واهتمامهم بكل التفاصيل التي تساهم في رفعته، وفي السلوك يتربهن ذلك في عمق محبةِ أهله التي تنعكس في مدى الرقي المُتجلي في تواصلهم مع الآخرين.
فأضاعوا هوياتهم وانتماءاتهم وهم في عالم الماديات غارقين في بحور من يدفع أسرع ثم أكثر. ومع الأيام كلما تعمقوا أخذ منهم الارتزاق شيئًا من كرامتهم ليهبها لعالم التشرد الذي ينتظرهم في مستقبلهم. فما بين الارتزاق والتشرد شعره خفيفة وقصيرة سهلة الانكسار (لخفتها) وصعبة الإقتلاع (لقصرها)؛ لكنها بالأخير تظل شعره مصيرها السقوط بأهون سبب وفي أي مكان. وتلك الشعرة حالها كحال من غدا متشردًا بعد أن قرر الارتحال في أزقة الارتزاق إلى أن انتهى حاله في نهاية المطاف على الأرصفة بأهون الأسباب.
هاجر هوساوي
@HajarHawsawi
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق