بعد كل حدث وطني أو اجتماعي أو أممي؛ نقف على عشرات السلوكيات التي لا يرتضيها أي مجتمع متحضر وينبذها أي مجتمع سواءً كان منغلق أو منفتح ويشتكي من وطأتها جميع الأفراد. سلوكيات تعكس حجم القصور المعرفي المتعلق بالحرص بالبيئة، وبسمعة المكان ورُقِيّه، ومرتبط بوعي الأشخاص واهتمامهم بمعايير النظافة.
ففي الأعياد والأيام الوطنية والمناسبات الاجتماعية العامة والخاصة نرصد العديد من السلوكيات التي لا تعكس حجم التحضُّر والوعي الذي وصلنا له في وطننا بقدر ما أنها تظهر حجم التخلف الذي أصبح يشتكي منه أغلب أفراد المجتمع من فئة على الرغم من قلة عددها لكن أذاها بات يُعمم بإسم المجتمع ذاته. فعلى سبيل المثال هناك من أصبح يُسيء للوطن بإسم الحرية التي بات تفسيرها خاطئًا لدي البعض من الشباب والفتيات فبعضهم يراها محصورة في حريته بارتداء ما شاء حتى لو كان لا يليق مجتمعيًا، أو في رفع صوت الأغاني في الأماكن العامة، أو مضايقة المارة بتصرفات غير مقبولة بتاتًا، أو بترك المكان بأسوأ حالة؛ لا يُرثى لها فقط بل يُرثى أيضًا على أصحاب الفكر الذين تواجدوا بنفس المكان مع أطفالهم ولم يهتموا بتركه أفضل مما وجدوه؛ وأقل مايقال عنهم بأنهم نقلوا درسًا خاطئًا لأطفالهم عن الاهتمام بالبيئة.
وفي الأماكن العامة والمنتزهات والحدائق ومدن الألعاب إضافةً للتعمُّد بالعبث بها ورمي المهملات في طرقها وبأماكن الجلوس وتكسير المرافق الموجودة لراحة الزوار يبالغ البعض بكسر الإنارات وخلع الأدوات الصحية في دورات المياة وكأن ما وجد لم يكن لرفاهيتهم وخدمتهم. وبيئة المكان باتت تعاني من افتراش الأعشاب وقطف الورود وتقصُّد كسر الأشجار وغيرها من السلوكيات الخاطئة التي تزيد من تلوث المكان.
أمّا بالنسبة للطرق فتتمادا أقلية لا تذُكر في ازعاج المارة؛فعلى سبيل المثال قد يصطدم البعض بمسعوري القيادة (المفحطين) الذين لا تتحكم بسلوكهم إلّا اللامبالاة وعدم الاهتمام بآداب الطريق. وأمَّا في حالة التواصل مع جنسيات أخرى غير ناطقة باللغة العربية قد يلجأ ثُلَّة من السفهاء للإستهزاء بهم بأسلوب يعكس عمق سذاجتهم وقلة احترامهم للاختلاف الثقافي واللغوي.
فكل هذه التصرفات الغير مسؤولة التي لا يلقي البعض لها بالًا؛ تنعكس على الصورة النمطية التي يري بها الآخرون وطننا ويقيموا الأغلبية على أساسها فلا تصرف فردي ينسب للفرد فقط بل يقال أن أبن هذه البلد من قام بهذا السلوك. فكن المرآة التي تُظهر للآخرين الجمال في وطنك؛ فالتعبير عن الوطن بأسلوب يرتقي به واجبًا على كل مواطن يؤمن بأهميته في منظومة وطنه وأيضًا واجبًا على كل مقيم يحترم قوانين هذه البلد.
ففي حب الوطن واجبنا أن ننشر وعيًا يُظهِر حجم اهتمامنا به وأيضًا يُظهر عمق ايماننا بقداسة بقاعِه. وفي حب الوطن واجبنا أن نكون القدوة الحسنة التي يتعلم منها أبناءنا سُبل الاهتمام والارتقاء بكل شبرٍ فيه وأيضًا واجبنا أن نكون النموذج الحسن لأبن البلد الذي يقلده بكل تقدير كل زائر ومقيم. وفي حب الوطن واجبنا أن نَظهر بالشكل الذي يعكس ثقافتنا وأن نُظهر بعقلانية عمق اعتزازنا بعاداتنا وتقاليدنا. فحب الوطن والتعبير عنه بالأقوال لا يسهم في تعزيز ذلك إن لم تُترجم ذلك أفعالنا على أرض الواقع.
فكونوا خير سفراء للوطن؛ تعبرون عنه بأسلوب يعكس مدىٰ ارتقائه، ويظهر حجم تطوره، ويبرهن مقدار التعقل في انفتاحه.
هاجر هوساوي
@HajarHawsawi
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق