السبت، 12 يناير 2019

متصيدوا البراءة بسحر الكلمات والمعاملة

         يحدث أنّ يتفوق عليك الغريب بإستخدام الإقرباء منك؛ وذلك فقط بـ سحرٍ بسيط لا يلحظُة المُقرب بقدر ما يحتاجه القريب منك. فـ السحر اللفظي، المعنوي، والفعلي هو الأداة التى باتت تُستخدم ضدّنا للتأثير على أبنائنا؛ والفجوات المُجتمعيه بين الأجيال أدت إلى ظهور تيارات احترفت التأثير من خلال تلك الثغرات.

        يبدأ سِحْر الكلمات والمعاملة "بالإحتواء اللفظي والمعنوي" فإذا لم يجد الفرد من يستمع له من ذوِيه يصبح أداءة سهلة للتأثير. ويتم إحتوائه بتفهم فِكْره، ومعرفة قناعاته، ومشكلاته ثم مناقشته حولها، والتقرب منه ولو بالإستماع له، وإشعاره بالإنصات الدائم له لأهميته لديهم، وبالتالي معاملته كشخص ناضج جدًا خلافًا لمعاملة أهله ومجتمعه.

        فكلما تعمق الفرد بمحادثة المتلاعب بالكلمات كلما تعززت لديه "روح الإنتماء" له حتى ولو كان مجهولًا، لأنه قد وهبه جزءًا من وقته وإحتواه بتفهم منظوره ومناقشة فِكْره. فالإحساس بالإحتواء الفكري بتبادل الأفكار والإهتمام بالمشاعر والإنفعالات وتفهمها يولد لدى الفرد الشعور بالأمان والراحة النفسيه للطرف الآخر، مما يؤدي إلى سرعة التأثير عليه وتحفيزه لأي فكرة منه حتى لو كانت غير منطقيه لينتهي به الأمر لاحقًا "بالتبعيه العمياء" لميول الطرف الآخر.

        ما أنّ يتم الإحتواء الكلي فكريًا وإنفعاليًا يتعزز الشعور بالإنتماء لدي الفرد حتى ينتهي به الشعور بالتبعيه أللا إرادية، لأنه قد وجد آذاناً صاغية فقدها في مُحِيطه تفهمته جيدًا، والقلب الذي أشعره بأهميته، واللسان الذي لم يفتئ بالسؤال عنه فكيف له أن لا يتمنى أنّ يكون تابعًا للطرف الآخر رداً لجميل الإحتواء والتقبل بالإنتماء. فالشعور بالإمتنان يتولّد لأنّ الشخص تحت تأثير سحر الكلمات والمعاملة الحسنه التى فقدها في محيطه. وحتى لو طلب منه المتلاعب بالكلمات أي شيئ فهو على إستعداد لإثبات تبعيته ولو على حساب نفسه وأهله وماله، لأن ذلك يشعره بأنه يخدم ويعطي من وقته من أعطاه جُلَّ وقته.

        فَلَو تم الإحتواء الفكري والإنفعالي لفظيًا وفعليًا ومعنويًا من قِبَل الأقارب لتمَّ تدارك الكثير، على الأقل ثقرة التأثير الخارجي من الأغراب. فالإهتمام المبالغ فيه من غريب والإهمال من قريب سواءً كان أخ، أخت، وآلدين، وأصدقاء له تأثير بنفسية الفرد وثقته بذاته وطريقة تواصله وعمق علاقاتة. فبمجرد التصور بأن نفسيه المرء تتحسن بسبب سماحة غريب أكثر من محبة قريب، ثُمَّ تزداد ثقة الفرد بنفسه لأن غريبًا عزز له هذا الجانب. ممّا أدى الى تَحسن تواصله مع الغريب لأنه كان منفتحًا معه مناقشًا له متقبلًا لأفكاره حتى لو كانت غير منطقيه، فهو أمر لا يُستهان به.

        لذلك وجب الإلتفات لخطورة سحر الكلمات والمعاملة الجيدة من الأغراب خلف الأجهزة. فالعواقب ستُورِث لنا أفرادً مسحورين بفكرٍ ضال منحرف وذلك لأنهم وجدوا قلبًا إحتواهم وأعطاهم أهميه لم يجدوها ممّن حولهم. ولذلك فمسألة تبني أي فكر بقلب أي فرد سوء كان تكفيرًا، إلحادًا، تعصبًا، شذوذًا، و تطرفًا..الخ؛ فهو ينشأ من الإحتواء من الأغراب والأجابة على تساؤلات كانت بالنفس وأستطاع المتلاعب بالكلمات إستخراج تسائلهم من جُعبتِهم لِيُبلورها على طريقته ثُم ليقنعهم لاحقًا بمنظوره الذي بالنسبة لضحيته بات واضحًا له بعد فترة بسيطة قطعها معه في رحلة التأثير الذي بُنِي على الثقة المتبادلة بينهم.

هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق