السبت، 11 فبراير 2017

الخلاف علىٰ هوية المكان بعد التأخي من زمان

        في ذلك الزمان لم يكن هناك أي خلاف مكاني حتى ينشأ لاحقًا إختلاف بالهوية، ولم يكن هناك تصنيفًا بالضمائر بـ (هُم و نحن) فقد تعايشوا سويًا لتمضي عجلة الحياة بأمان. في ذلك الوقت، لم يكن هناك تدقيقًا بالملبس، العادات، والتقاليد فأكبر همومهم تتمحور في قوت يومهم وأمان ومستقبل أبنائهم. فقد كان الأغلب يشارك الأخر حياته بقلوب بيضاء ونوايا صافية لا تشوبها أغبرة العنصرية والتمييز العرقي.


        ودائمًا ما يتردد هذا التساؤل، لما التناغم الماضي بين الأجداد لم يعطي الأجيال الحالية الحق ليتألفوا ببعضهم بلا ضغينة او تمييز. أيعقل أن يتخطوا هم عجلة الأختلاف على الرغم من أن تعليمهم محدودًا ونحن نستميت لإيقاظها رغم تعليمنا المتطور وثقافتنا الواسعة. أيعقل أن يتحول التكامل بينهم الىٰ تنابز ومفاخرة بيننا بمن هم أعلىٰ وأقل شأنًا ونسبًا بذٰلك الزمان. او أن يئول التعبير عن واقع جزئي الىٰ مسالة خلاف ثقافي وإختلاف مكاني وكأن جذور التعايش الماضية لم تكن إلّا وهما نسجه الأجداد. وهل يعقل منطقيًا أن يتحول إبراز نمط حياة ببقعة صغيرة عاشها أفراد بالسابق إلىٰ قضية إلغاء هوية وطمس معالم حياة كاملة أخرىٰ عاشتها باقي الأفراد والجماعات.


        فإن قسناها بالمنطق، فأكيد من الصعب أن تعيش أسلوب حياة كاملة تمارس فيها مهنة معينة، ترتدي زي خاص بمحيطك، ثم تتعامل فيها بنمط يشابه أقرانگ؛ ثم تعبر عن حياة أخرىٰ عاشها غيرك بخيرها شرها مواقفها وجمال وأدق تفاصيلها. فإذن لك الحق أن تعمل على إبراز البيئة التى ترعرعت فيها وواجبك أن تثقف الغير عن نمط حياة عشته وأكيد من غير إنتقاص من شأن الأخرين. وبالمقابل يستطيع من شاركتهم المكان وعشت معهم حياتك العمل بإجتهاد على إبراز موروثهم الشعبي وعاداتهم وتقاليدهم. فأي فرد منهم لا يستطيع أن يلغي وجود الأخر بقدر ما سيظهر كمية التنوع والإندماج مابينهم منذُ عصور حتى وقتنا الحالي. ومن المؤكد بأن الحرص على نقل تاريخ ومعالم حياة سابقة ليس مقصورًا علىٰ فئة معينة وممنوعًا عن أخرى للكل حرية النقل بصدق وأمانة من غير تدليس او إدماج لتفاصيل لم تكن صحيحه.


        فالهوية للجميع وهي ليست حِكرًا لفئة معينة علىٰ حساب تهميش باقي الفئات، فالجميع متساووين بكفتي الميزان. والعاقل لا يحولها لقضية طمس هوية بقدر ما أن حسه العالي لأبراز موروثه الشعبي يكون أكبر من التحريض على الأقصاء المُتعمد و ذٰلك يحفزه على إظهار الجانب الأخر من تناغم الحياه الماضية بين الأجداد.

        

        فحذاري من أن تقودك عاطفة حب المكان والغيرة عليه لأيقاد شرارة فتنة لا أساس لها من الصحه؛ أكثر من أن تقودك عوضًا عن ذلك للإجتهاد بإيجابية والعمل سويًا على إبراز ماضٍ أجمل بواقعٍ مُتصالح.

        فمن المُعيب النبش في شيءٍ طوته أزمنة ثم تحويله لنقاش لا طائل منه سوي زرع بذور فتنة شرارتها ” تبدأ بـ من هُم ومن نحن سابقًا .. وكيف كانوا وكيف كنا“.


#همسات_الهجر_المسموعه 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق