الجمعة، 22 فبراير 2019

في كتاب السعادة فصلًا للألم‬

       ‫مشكلتنا الازلية أنَّنا نعطي الألم حقوقًا كثيرة ونجعله بطلًا لتفاصيل حياتنا الدقيقة منها قبل الكبيرة.‬
نعاني منه في داخلنا .. فنتغنىٰ به سهوًا‬
نعيش حالته بالتفصيل .. ونبُث سمومه للمحيطين بنا
نشتكي منه للجميع .. ونعطيه معظم أوقاتنا وكأنه نزيلٌ دائم في جنبات حياتنا.

        للأسف بعضنا لا يعيشون فرحتهم التي تُوِّجت من آمالهم العظيمة؛ فيبخلون على أنفسهم العيش في تفاصيلها بحجة أن الوقت أمامهم بالمستقبل. وايضًا الفرحة البريئة والمفاجئه البعض منّا يحاول التكتم عليها بسبب الحرص الشديد الخوف من رصد الآخرين تفاصيل أفراحهم. وهناك ايضًا من أهدته الحياة أسباب السعادة؛ فيجتزيء لها جزءًا بسيطًا من اوقاته ليعيش تفاصيل الانشغال بها أكثر من الإستمتاع بها.

        وبالمقابل، تسببنا في اجبار معظم أوقاتنا على الانغماس في بحور الأحزان والآلام. فمهدنا طريق الاحزان وجعلنا طريق افراحنا غير نافذ؛ وأشعلنا قناديل الألم بإطفائنا أسرجة الأمل؛ وبتجاهلنا لحظات السعادة أعطينا لحظة الألم تفاصيلًا اعظم رغم محدوديتها. فالحياة كتابًا متعدد الفصول متغيَّر الأحداث ومحاولة الانغماس بجزء منها وتعميمه على كامل التفاصيل ماهو إلّا جلد ذات وانانية نمارسها سهوًا بحق أنفسنا ورفاهية أرواحنا التي باتت تتوق لكل ما يدخل البهجة لأساريرها.

فبالوقت الذي تهبنا فيه السعادة عمرًا آخر في الحياة؛ نتجاهلها سهوًا كان أو عمدًا لنعطي الألم والانشغال عمرنا الحقيقي.

هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

الأحد، 17 فبراير 2019

حقوق الذات

        التصالح مع الذات، ذلك الرضا الداخلي الذي نعكسه للآخرين؛ تلك الأداة الإقناعية التي تُبين حجم القبول بالنفس ومقدار الإتكاء عليها؛ تلك الطاقة الكامنة بالنفس التي تعبُرُ من روح المتصالح مع ذاته لأي روح تتواصل معه. تلك الميزة التي تؤهلك للقيام بكل أمر يوازي قدراتك او قد يفوقها على حسب الإستطاعة؛ وبالأصح يمكننا القول بأنها معيار الإيمان بالإستطاعة، بما ستفعل أو لن تفعله ولماذا ستفعله ولأي فئة او طاريء ستفعله.

        ‏فالتصالح مع الذات تلك البذرة التي تُغرس بنفوس الأطفال منذُ الصغر بأيدي أولياء أمورهم؛ فتعزيز تصالح الفرد مع ذاته يبدأ من والديه الى أن ينتهي الفرد لاحقًا في تأصيلها بذاته. وأيضًا من الوالدين يبتديء تحطيم الفرد لذاته إلىٰ أن يتعلم لاحقًا أساليب التصالح معها ومحاولة تقبلها أو تهشيمها داخليًا وذلك بتحجيم قدراته أو الإستهانه بها إلى أن ينتهي بإزدراء الخَلقِي منها والتقوقع في جُحْر الخُلُقي منها. فالعتب هنا على قدر الملامة؛ فكيف تزرع فيهم عُقدًا وهم ببراءة طفولتهم ثم لاحقًا ترتجي من شخصياتهم أن تثمر بمحبة الذات .. وتزهر بقوة الشخصية .. وتتعامل بثقة عالية بالنفس. فالمقدار الذي تسعىٰ فيه لتحبيب أبنك لعيوبه تتنامىٰ فيه بذره التقبل والايمان بالإمكانات.

        والتصالح مع الذات كما يكون في العيوب يكون ايضًا في الحسنات والمميزات التي تتمتع بها الذات. فبحالة التصالح مع عيوب الذات بشقيها الخَلقي والخُلُقِي تكون قد قطعت شوطًا كبيرًا في تقبلها. والعيب الخَلقي بعد رحلة التقبل قد تراه تفردًا يميزك عن غيرك، والخُلُقي (كالنرفزة، الغضب، التوتر، التسرع) في حالة تصالحك معه؛ قد تبدأ في محاولة كبحه وتقنينه بالتأني ومراجعة الذات قبل اي قول وفعل. فالعيوب التي تتعلق بردود الفعل من قول وفعل؛ بمجرد أن تتصالح ذاتك معها ستحاول تجنّب الوقوع فيها إلى أن تغدو من العيوب المنسية.

        وبالمقابل، الوجه الآخر، للتصالح مع الذات، التصالح مع مميزات ذاتك وحسناتها. فهل فعلًا نحتاج أن نتصالح مع مميزاتنا والحسنات التي تتسم بها شخصياتنا كما نتصالح مع عيوبنا أم أن هذا الجانب نحنُ مسبقًا متصالحين معه وذاك يظهر للعلن في تباهينا فيه. فحينما تتصالح مع ذاتك بما تمتاز به؛ معناه أنك لا تجعل ممّا أمتازت به ذاتك سُلمًا وأداة تستغل بها الغير أو سببًا تتعالى فيه على الآخرين بحجة أنك متصالحًا مع ذاتك للحد الذي تصل فيه للغرور بها. فالتصالح مع المميزات يكون في جعلها أداة تطويرية وخريطة اِرشادية للذات؛ فهي البوصلة التي بإستطاعتك أن توجِّه بها ذاتك للملائم لها.

وفي عودة للنشء، رفقًا بذات ابناءك، وكن واضع اللبنة الأولى في مرحلة تصالحهم وتقبلهم للذات التي هم عليها. فروح الاطفال روحٌ متعطشة للبناء والتعزيز فلا تكن المِعول الذي يساهم بهدم ثقتهم بشخصياتهم وقناعتهم بها.

بالمختصر، ماهي نسبة تصالحك مع ذاتك؟

هاجر هوساوي
@HajarHawsawi

الاثنين، 4 فبراير 2019

أاحببتَ بصدق؟

- هل نُحب حقًا أو أننا نتظاهر بأننا نُحب أو هل تعودنا على تعلقنا بمن ندعي بأننا نُحبهم؟
كثيرًا ما نستفتي قلوبنا هل نهواهم حقًا أو هو فقط شعورٌ عابر؛ تساؤلات لا تنتهي ولا تدور إلّا ببال من تعلق فؤاده وتولع هواه بحبِ آخر.

        ففي هذه الحالة لا تستفتي قلبك أو تسأل فكرك فقط وايضًا راقب طِباعك؛ أهيا كالسابق أو هناك اِختلافات عدة تشهدها شخصيتك وأنماط حياتك. تفكَّر بسلوكك، أهو كما كان بالماضي أو بت تُقلد من تظن أنك تُحبه في أقواله وأفعاله وأسلوب تفكيره وحتى اِنفعالاته. قِس معيار مراعاة الشعور، أاصبحت تُفكر كثيرًا قبل أن تتفوه بأي كلمة أمامه أو تخطو أي خطوة. أاصبحت مراعاة مشاعره أحد معايير التعامل والتواصل معه أو أنك لا تكترث بكل ما ذُكر سابقًا. أبات مزاجك متقلبًا على هواه، تُسعدك اِبتسامته ويشغل بالك اِنزعاجه، وبوجوده تتجدد آمالك وبغيابه تسودُّ حياتك. وقد تتبدل نفسيتك على هوىٰ رضاه فتصبح طاقة ايجابية تسعىٰ للأفضل في حالة الرضا وأيضًا تتحول لطاقة سلبية تنحدر للأسواء دائمًا في أوقات الخصام.

       وماذا عن أهدافك، هل اِختلفت أولوياتك على ما يوافق كل هدف رسمه الآخر بخارطة مستقبله؛ أغدت أهدافه أمنياتك التي تسعىٰ لتحقيقها وتضاريس أفكارك قسمتها لتجعل كل هدف له واقعًا ملموسًا بمساحة كبيرة من مساحات أحلامك متناسيًا كل أمنيه قديمة تمنيتها آنفًا لنفسك. هل أصبحت تتحيَّن الأوقات التي يكون بها بأحسن حال، وتتحيَّن الفرص التي تناسبه لتقدم له آماله على طبق مُذهب بالمحبه ولو اِستنزف ذلك الجزء الأكبر من وقتك وقدراتك وحتى أهدافك.

        إن غدىٰ حالك كما ذُكر آنفًا فأقرأ على روحك .. فكرك .. قلبك .. وذهنك السلام؛ فذٰلك لم يعد حبًا حقيقًا حتى تتغنىٰ به وتتسأل عنه وتستفتي قلبك بشأنه؛ بل قد تخطىٰ ذلك حدود كل مايسمىٰ حبًا وهوىٰ وغادر حدود واقعك لعواصم العشق والهيام التي بُحور هواها لا ينضب فيه غرامًا ولا يتوقف في دواخلها نبضًا.

لكن سؤال: أاحببتَ صدقًا!!؟

هاجر هوساوي
@HajarHawsawi