إستقطِع من وقتك دقائق للعقلانيه وأقرأ ثم فكر وناقش معي ما توصل له عقلك بعد تفكير فيما بين السطور الأتية. إن صادف ووقفت على قضية هروب فتاة مُقربه كانت او غريبة قرأت عنها أفكرت في بعضِ النقاط.
أيعقل أن تكون سعيدة بحياتها ومرتاحة ببيتها مع أسرتها ثم تُفكر بالرحيل فجأة. أيعقل أن تُحترم وتقدر مشاعرها كـ فتاة تحتاج للإهتمام من أهلها وينظر لها بنظرة حبٍ وحنان ثم تفكر بالرحيل للخلاص منهم. أيعقل أن يتم التعامل معها كـ امرأة بالغة راشدة لها خصوصيتها ثم تُفكر بالهروب بلا مبالاة. أيعقل أن تعيش بهذا الكم من الإيجابية والحياه الكريمة التي تُعطى بها كامل حقوقها ثم تُفكر لاحقًا بالهروب من البُقعة التي تعطيها الثقة وتسموا بكرامتها وعنفوانها. فالعاقل يعِي بأنه لا توجد امرأة عاقلة بكامل أهليتها ونضجوها ثم تُغامر بترك حياتها الكريمة الىٰ حياة ضبابية الحاضر ومجهولة المستقبل.
فـ هروب بعض من قاسوا من واقعهم الىٰ المجهول بات كـ حد السكين يقطع بشدة الواقع وما إستحال منه عن الوهم وكل ماهو ممكنًا. قد تتفاوت الأسباب للهروب إبتداءًا من العنف والتعذيب، الحبس والمنع، الإساءة، الشك والتخوين، التحقير والتهميش إنتهاءًا بالتفكير بحل جذري ينهي معاناة من تحطم كبريائهم نفسيتهم وثقتهم؛ معاناة أنستهم كونهم نساء اوصي بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فـ علىٰ الرغم من فشل أغلب محاولات الهروب السابقة او بالأصح جميعها إلّا أن إحساس الخلاص من الواقع المُر طغىٰ على واقعية فشل هروب الأخريات وما تَبِعهُ من خسارات عانوا منها السابقات أكثر من مكوثهم مع من قادهم للهلاك. ومايزيد من تفاغم هذه الحالات النادرة سوءًا ويحفز تكرارها؛ إقتناع البعض أن المجهول لن يكون أسوأ مما عاشوه «فلا خسارة تذكر فهناك بُئسًا وفشلًا وقد يكون الأتي مثيلًا له» فأيًا كان المجهول فهو مقبول مادام أنه سيُبعدهم ويخفف عنهم بعضًا من معاناتهم. فالإيمان بقضية عدم إستمرار العيش بمظلومية مع من لا رحمة بقلوبهم بات قضية لا خيارات فيها؛ فإمّا هُمّ الرابحات او هُمّ أيضًا فلا مجال لإعادة التفكير بعقلانية. فالبعد عن المعقول لكل ماهو مجهول بات أول وأخر الحلول في نظر من قاسىٰ أنواع الظلم.
وإن عُدنا لبداية الأمر، من المُلامين أولًا وأخيرًا من هُمّ المُتسببين الأساسين بهذه الفوضىٰ أيًا كانت؛ ومن هُمّ الذين أساؤوا معاملتهم حتى تمكنت هذه الحلول من عقولهم وأفئدتهم . أيجدر أن يُحاسبوا ويتركوا من أجبروهم على الرضىٰ بالمجهول ليتحول المجني عليه لجانى. أيُلآم من يُقاد الىٰ النار لأنه دخلها بلا مبالاة. فالعاقل يعلم بأنهم ضحايا اللامعقول فكرًا وقولًا وفعلًا لكن مرارة الواقع غيبت كل ماهو منطقي أمامهم.
لفته بسيطة للعائلة او المجتمع الذان دفعوهم لهذا الخيار كفيلة بأن تحل جزء من المشكلة التي تتفاغم مع الأيام بلا حلول جذرية لذأ:
لا تجبروا فتياتكم على مالا يُعقل.
لا تجبروا فتياتكم على أتخاذ قرارات حمقاء.
لا تجبروا فتياتكم على البحث عن من يُعوِضهم إحترامهم وإهتمامكم.
لا تجبروا فتياتكم على القبول بأي وضع فقط للهروب من سطوتكم.
لا تجبروا فتياتكم على تفضيل كل غريب عن كل قريب منهم.
لا تجبروا فتياتكم على وأد طموحاتهم أحلامهم إهتماماتهم وأهدافهم.
لا تجبروا فتياتكم على تفضيل الموت من العيش تحت أعينكم.
لا تجبروهم على مالا طاقة لهم به حتي لا تصبح ردود أفعالهم أقوى من طاقتكم.
فكم من قضية لاقت رواجًا إعلاميًا فعُرف حجم الأسىٰ الذي عاشوه، وعشرات القضايا غير معلومه لمحاولة تغطيتها عن المجتمع. وذلك لم يكن خوفًا على الضحايا بل خوفًا من المُجتمع الّذي لن يرحمهم ولن ينظر لمُصابهم إلّا بإزدراء وتحقير للجراءة التي تحلَّوا بها حتي قرروا الهروب من واقعهم.
من المؤلم أن تصبح العائلة والمجتمع والظروف عليهم وحدهم وبالمقابل هُمّ من يتحدثون عن الإنسانية وهُمّ من ينادون بكل مكان بحقوق المرأة، حقوق الأبناء، وحقوق الأنسان.
هاجر هوساوي
@HajarHawsawi
