هذه الأيام الشعور فيها مختلف جدًا؛ فتبدُل الحال المؤقت اكسب الروح نوعًا من الامتنان اللامتناهي.
أكتب عن قصة قصيرة أُمثل أحد أبطالها الذين طافوا ما شاء لهم رب العباد بأقدامهم باحثين عن فرص وظيفية ثم بعدها بدأوا بالدوام الكامل الذي لا تحكمه ساعات أو أيام وأوقات؛ إذن كيف ذلك؟
بمراحل عدة الخص أصل الحكاية التي بداؤها بعد مرحلة البحث بشكل حضوري قبل مرحلة مراجعة بعض حسابات التوظيف في مواقع التواصل الاجتماعي ابتداءً من اللينكدان وتويتر ثم السناب شات والفيس بوك وانتهاءً بالتليغرام. ففي وقت الاطلاع على جميعهم بالتوالي تبدأ مرحلة اختيار ما هو مناسب للتخصص، وما هو ممكن العمل به، وما هو ملائم على حسب الجنس. ثم بعد الاختيار تبدأ مرحلة التقديم على حسب التواريخ المتاحة حاليًا وما هو لاحقًا يحفظ للتذكير عبر التقويم وهكذا يوميًا.
فتجدهم غارقون في بحرٍ هائج من بحور البحث عن العمل تلطمهم أمواج الطلبات تارة وتارة أخرى فيضانات المعايير والشروط التي ترمي بهم في شاطئ العراقيل الوظيفية. وإن قارنّا حالهم بحال من هم على رأس العمل؛ فاجزم من واقع خبرة أنهم في يومهم الوظيفي الوهمي أسوأ حالًا من الموظفين حقيقةً؛ فجهودهم المضنية في البحث عن عمل لا تحكمه قوانين وظيفية إلّا حتميات عدة وهي؛ لا رواتب، ولا حوافز أو حتى إجازات تسكن بها نفوسهم المُتقدة من طول الانتظار على دكّات الاحتياج.
تلك الباحثة أو ذاك الباحث عن أي فرصة وظيفية في اليوم الذي يقررون فيه أخذ إجازة كباقي الكادحين تأنبهم ضمائرهم ويعيشون في دوامة تأنيب شديد لأنهم في زحمة إجازتهم قد يكونوا أضاعوا فرصة وظيفية ثمينة لا تعوض ولن يعلن عن مثيلاتها مرةً اخرى. وهكذا تجدهم غير هانئين البال شاردي الذهن ولن يصفو بالهم إن لم يعودوا لإدراج وظيفتهم التي هي بأصح العبارة البحث عن وظيفة.
وبعد سنواتٍ طوال أدركتُ أن الساعي للوظائف كالعامل لكن في سبيل البحث عن لقمة عيشه. فقضى تلك السنين جُلَّ وقته باحثًا هنا وهناك بلا توقف؛ وذلك لأنه لا يحق له طلب أي اجازة من نفسه ليرتاح فيها من السعي خلف الرزق الذي تهفوا إليه ذات النفس.
لكن بعد ان توظفت وظيفة مؤقته أدركت ان إجازتي قد بدأت بالفعل؛ لأنه لم يعد يأنبني ضميري حينما لا أهتم لأفتح أي تنبيه من حسابات التوظيف؛ فأنا بالوقت الراهن اشعر براحة لا متناهية. وكل ذلك لأن ما مررت به ما هو إلّا معاناة قد لا يستوعبها إلّا من عاش تفاصيلها وهو مطحون ذهنيًا بدوام لا توقف فيه وبدون راتب؛ وهو لا يطمح إلّا بوظيفة، حتى لو كانت مؤقته تجعله يأخذ راحة عن البحث عن وظيفة معلومة براتب محدد حتى ولو كان ضئيلًا فذلك يريحه من جهاد التقديم بلا أُجرة تحفزه على الاستمرار إلّا أمله بالله ثم بالوظيفة الرسمية الدائمة التي سيأخذ بسببها اجازة ذهنية ونفسية تبعده عن ضغوطات التقديم.
بعد أكثر من ٧ سنوات من البحث تخللت بوظائف بعضها مؤقته كتبت كلماتي هذه وأنا الآن اتنعم في اجازتي الذهنية بعد البدء في وظيفة اخرى مؤقته، راجية من الله أن تُصبح رسمية لتطول بها إجازتي الذهنية إلى ما شاء الله.
هاجر بنت عبدالله هوساوي