احتفالنا بيوم الوطن ليس مرهونًا بتاريخًا فقط، بل مرتبطًا بعمر من الزمان نعيشه حاضرًا واباءنا وأجدادنا عاشوه من قبلنا بكل اعتزاز وسعادة واطمئنان.
في يوم الوطن لم يحضر اليوم والشهر فقط، بل كل عامٍ يأتي وهو حاملًا معه ذكرى وذكرياتٍ عميقة؛ تجلت أولًا بذكرى توحيد عظيمة من المؤسس رحمه الله وطيب ثراه الملك عبدالعزيز، ثم لاحقًا ذكرياتٌ تنموية وتطويرية وازدهار يُشارُ لها البنان منذُ الماضي للحاضر من ملوكنا الكرام ابتداء بـ الملك سعود طيب الله ثراه ورحمه إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله ورعاهم.
لذلك يوم الوطن لا نحتفي فيه كيوم فقط، بل بكل فخر نستشعر عظمة السكينة التي تغشى قلوبنا ونحن نعيش في حدوده، والأمن والأمان اللذان ننعم فيها بكل طمأنينة وراحة بال.
في يوم الوطن نسير محتفلين في الشوارع ونحن نحمد الله على المرافق العديدة التي هيئت وعُمِّرت لرفاهيتنا، والمشاريع التي أقيمت وافتتحت لتلبية احتياجاتنا، والبنية التحتية القوية التي شيِّدت وأُسست لضمان سلامتنا.
في يوم الوطن نشكر الله على تخطينا جائحة كورونا بأقل الخسائر وأهونها؛ تخطيٍ أظهر للعالم قوة نظامنا الصحي متانة انظمته وكفاءة الكوادر الصحية التي برهنت للعالم ان المواطن والمقيم على أراضينا يعيش في ظل رعاية صحية لا مثيل لها من قبل الجائحة وبعدها.
وفيما يخص التعليم بالخارج، فالابتعاث الخارجي كان حلمًا بعيد المنال نراه كالأفق الذي نعرف بكل يقين بأننا لن ندركه لكن ولاة أمورنا جعلوه حقيقةً لنا. لذلك في يوم الوطن كل طالب أو طالبة كانوا مبتعثين أو لايزالون في بلدان ابتعاثهم؛ يعيش كل فردٍ منهم بناءً على تجاربه امتنانًا مختلفاً عن الآخر وهو حامدًا لله على نعمه وشاكرًا له على الفرصة التي اتته هديةً من وطنه الذي جعل من تعليمه أهمية وهدفًا يصب في مصلحة وطنه بشكلٍ عام ومصلحته العظمي بشكلٍ خاص.
وفي احتفالنا بهذا اليوم العظيم نقولها بكل تباهٍ أننا نعيش كأمة عظيمة شعارها الشعب المترابط المتكاتف الذي لا ينسى أخاه وجاره؛ متلمسًا حاجاتهم سائلًا عمّا ينقصهم. نحتفل وكلنا ثقة بأن أي فردٍ منّا لا يستفزع بمن حوله إلّا وهو متأكدًا بأن أكُف المعونة والمساندة ستمتد له بلا تردد الى ان يقف على قدميه مرةً اخرى؛ لأننا بمواقف كثيرة كنا شاهدين على قوة هذا الشعب في التكافل الاجتماعي ونصرة ومؤازرة بعضه بعضًا. فالتكافل الاجتماعي من أهم القيم التي نشأنا عليها منذ زمن المؤسس الى هذه اللحظة. وبشكل مختصر خيرُ مثالٍ يحتذى به من دولتنا تطبيقا "تبرع واحسان"، وبشكل أعم وأشمل "الضمان الاجتماعي" الذي أنشئ عام 1382 هـ. ووفقًا لما ذكرته وكالة الضمان الاجتماعي أنه: ”انشئ لينهض بمسؤولياته في تنفيذ برامج التنمية ومشروعاتها الموجهة إلى بعض الفئات التي تحيط بهم ظروف اجتماعية خاصة بهدف تأمين المعاش الكريم لهم، ومن خلال أنشطته المتعددة التي تأتي في مقدمتها تقديم المعاشات والمساعدات ودعم تنفيذ المشاريع الإنتاجية لمستفيدي الضمان الاجتماعي."
هي قيمٌ غُرست في سلوكياتنا لأننا تعلمناها من قدوتنا "حكامنا"؛ فلنا الحق في يوم الوطن ان تفتخر بما وصلنا له من تلاحم تعاضد وتكاتف تراه جميع الأمم وهي راجيةً أن تصل بمجتمعاتها لنفس مستوى التكافل التي تراه متجذرًا فيما بيننا، وان تصل بهم لنفس مستوى الولاء المتأصل في قلوبنا ونفس مستوى المحبة الذي نحمله لوطننا.
في يوم الوطن بكل ابتهاج لا نفتأ من كثرة الثناء على هذه الرؤية السديدة والتحول الوطني اللذان ساهما في تنامي الاقتصاد غير النفطي بشكل ملحوظ فتعددت المصادر التي جعلت الاقتصاد في المملكة من الاقتصادات العالمية القوية التي لها تأثير قوي في الاقتصاد العالمي. ووفقًا لـ وكالة الأنباء السعودية (واس): ”وتتويجًا لما تملكه المملكة من إمكانات اقتصادية عالمية أنشأت العديد من المدن الاقتصادية، كما شرعت بإنشاء مشروع مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض على مساحة تبلغ مليونًا وست مئة ألف متر مربع مشكلًا أحد المراكز المالية الرئيسة في العالم لوجوده بأحد أكبر اقتصاديات المنطقة وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط من حيث الحجم والتنظيم والمواصفات التقنية والتجهيز.“ لذلك يكفينا اعتزاز بأن مملكتنا الجميلة هي من ضمن مجموعة الـ ٢٠ التي تضم أقوى عشرين اقتصادًا في العالم.
إن أمعنّا النظر في المجال التقني والرقمي فإننا لن نشرح للآخرين حجم تطورنا، بل يكفيهم أن يعيشوا معنا على الأقل اسبوعًا واحدًا فقط؛ ليستشعروا عظمة التسهيل والانجاز اللذان باتا شعارًا في هذه الحقبة الزمنية. هذا التطور سهل أمورًا كثيرة في حياتنا واختصر لنا وقتاً وجهدًا عاليان كانا سيكلفاننا أكثر مما ينبغي لبعد المكان أو محدودية الزمان. وخيرُ أمثلة على ذلك، وجود التطبيقات التي ساعدتنا كثيرًا على سبيل المثال: (توكلنا طوارئ، وتوكلنا خدمات، وصحتي، وابشر، وبلاغ تجاري، كلنا أمن، نُسك، جدارات، ونفاذ، أسعفني، فزعة، قياس، حساب المواطن، مدرستي، سفير، مقيم، معروف، المنصة الوطنية للعمل التطوعي، مرشدك الزراعي، ناجز، ديوان المظالم، زكاتي، روح السعودية، عيشها، نقل، مكتبة الملك فهد الوطنية، والخ).
لذلك إن سؤلنا عن التقدم والتطور الرقمي الذي يشهد نقله نوعية كبيرة جدًا حتى أصبحنا ننافس أهم الدول تقدمًا في هذا المجال؛ فإننا بكل شموخ في هذا اليوم التاريخي سنتحدث بين الملأ عن النجاحات التاريخية التي باتت خيرُ شاهد على ما وصلنا له. ووفقًا لمؤشر الأمم المتحدة لتطور الخدمات الرقمية والحكومية فإن المملكة تتقدم رقميًا منذُ انطلاق رؤية المملكة ٢٠٣٠م وهي الآن تحتل المرتبة الأولي إقليميًا والمرتبة الثانية في مجموعة العشرين، وبكل فخر في المرتبة الرابعة عالميًا. فهنيئًا لنا بهذا المنجز التاريخي الذي شهد تقدم المملكة في هذا المجال خلال هذه السنوات.
وكل ما ذكر سابقًا، يعد نقطة من بحر النعمٌ الكثيرة ننعُم فيها بفضل الله ثم بفضل قيادتنا الرشيدة التي بسطت لنا حياتنا وعملت جاهدة في سبيل هذان التقدم والتطور الذي نعيشه الآن بكل رفاهية وأمن وسلامة.
لذلك نرددها بكل فخر، كل يوم وطني نحن من ازدهار وتقدم الى رفعة وعزة وتطور نتباهى بهم بين الأجيال ونباهي بهم بين الأمم؛ فالحمد الله حمدًا گثيرًا طيبًا مباركًا فيه على نعمة هذه القيادة الحكيمة التي جعلت من أمننا وسلامتنا وحاجاتنا ورفاهيتنا اولوية كبيرة، ونعمة هذا الوطن المعطاء بكل المقاييس، وأخيرًا على نعمة هذا الشعب العظيم الذي عكس ولا يزال يعكس صورة لا مثيل لها بين الشعوب في التفاني والإخلاص لمليكه وولاة أمره، ولوطنه وللتضامن والتكافل الاجتماعي الذى جمع كل القلوب على قلب واحد لا يشبه في بقاع الأرض إلّا المملكة العربية السعودية.
هاجر بنت عبدالله هوساوي✍🏽